للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتصديقا لقول الرفاعي فإني أنقل عن الصوفية ما ورد في بعض كتبهم: - ذكروا أن إبراهيم الأعزب أنشد شعرا عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال له النبي: «بارك الله بك، أنت منظور بعين الرضا». (١)

- وأن الشيخ بهاء الدين الرواس الرفاعي وقف عند أحد القبور فخرج له إبراهيم صلى الله عليه وسلم من القبر وأعطاه ورقة مكتوب عليها هكذا (محمد١١١١).ويتضمن هذا الرمز مئات الأسرار من كتاب (الجفر). (٢) - وأن الشيخ علي أبو الحسن الشاذلي استأذن في الدخول على رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمع النداء من داخل الروضة الشريفة يقول له: «يا علي ادخل». (٣) - وأن عبد القادر الجزائري وقف تجاه القبر وقال: «يا رسول الله: عبدك ببابك، كلبك بأعتابك، نظرة منك تغنيني يا رسول الله عطفة منك تكفيني فقال له الرسول: أنت ولدي ومقبول عندي بهذه السجعة المباركة». (٤) فمع ما أنه عليه الصلاة والسلام كان يكره السجع ويمقته ويصف أهله بأنهم «إخوان الكهان» (٥) إلا أننا نجده هنا يصف السجع بالمبارك!! - وأن الشيخ الشعراني قال: «ومما منّ الله علي: شدة قربي من رسول الله وهي المسافة بيني وبين قبره الشريف في أكثر الأوقات، حتى ربما أضع يدي على مقصورته وأنا جالس بمصر، وأكلمه كما يكلم الإنسان جليسه». (٦)

وبهذا الزعم يصير الأمر مشاهدة عيانية لا منامية، وأي قيمة بعد ذلك لكتب السنة والحديث ما دام أنه صلى الله عليه وسلم حي حاضر مع هؤلاء، وهل يصير اجتهاد المجتهدين في استخراج الأحكام إلا هدرا للوقت؟ هلا طلبوا من الصوفية استفتاءه صلى الله عليه وسلم عنها توفيرا للوقت؟ وكيف يتفق أن يشتهر الصوفية بعدم الإلمام بالشريعة وبالحديث يخلطون بين الصحيح والموضوع من الحديث وبينهم رسول الله يحضرهم كلما شاؤوا؟؟ - أن الصيادي ذكر أن إبراهيم المتبولي كان يرى النبي صلى الله عليه وسلم ويتلقى أوامره المحمدية، وأن أبا العباس المرسي كان يراه صلى الله عليه وسلم ويرى الانحجاب عن رؤيته نقصا في مقام ولايته، وأن الشاذلي لم يكن طيلة حياته يفارق النبي صلى الله عليه وسلم حيث يقسم على ذلك قائلا: «والله لو غاب عني رسول الله صلى الله عليه وسلم طرفة عين ما عددت نفسي من المسلمين». (٧) أن الصيادي ذكر أن أحد أعيان الطريقة (الشيخ جلال الدين) كان يجتمع بالنبي صلى الله عليه وسلم يقظة لا في المنام، قيل له كم مرة رأيته يقظة؟ قال بضعا وسبعين مرة، فأيهما أعظم: من يستلم يد النبي صلى الله عليه وسلم مرة واحدة أم من يجلس بجانبه يقظة ويحادثه أكثر من سبعين مرة؟!! (٨) (٤) أنهم زعموا أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم رؤي في الرؤيا أنه شد الرحال إلى قرية الرفاعي والكعبة تسير معه وقد قال: «ها أنا والكعبة زائرون، وجلس ينادي أهل القرى في طريقه أن يزوروا معه الشيخ أحمد الرفاعي. (٩) ثم تبين للراوي أن الرؤيا حقيقية فقام وذهب إلى قرية الرفاعي مشاركا موكب النبي عليه الصلاة والسلام والكعبة.


(١) ((ترياق المحبين)) (ص٦٩).
(٢) ((بوارق الحقائق)) (١٧٧ – ١٧٩).
(٣) عن كتاب ((أبو الحسن الشاذلي)) للشيخ عبد الحليم محمود. (ص٧٩) ط: المكتبة العصرية - القاهرة.
(٤) ((جامع كرامات الأولياء)) (٢/ ١٠٠).
(٥) الحديث: ((إنما هذا من إخوان الكهان)) رواه البخاري (٥٧٥٨) ومسلم (١٦٨١) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(٦) ((لطائف المنن والأخلاق)) (ص١٢٣).
(٧) ((طبقات الشعراني)) (٢/ ١٤)، ((ضوء الشمس)) (١/ ١٧٦ – ١٧٧)، ((قلادة الجواهر)) (١٠٦ و٢٩٢).
(٨) ((قلادة الجواهر)) (٤٢٢ – ٤٢٣).
(٩) ((روضة الناظرين)) (ص٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>