للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٥) أنهم رووا عن الرفاعي أيضا أنه في العام الثاني زار القبر مرة أخرى. قال الصيادي: «ولما حج الرفاعي عام وفاته وزار قبر النبي الذي هو أفضل من الجنة بل من العرش والكرسي، أنشد قائلا:

إن قيل زرتم بما رجعتم ... يا أشرف الرسل ما نقول

فخرج صوت من القبر سمعه كل من حضر وهو يقول:

قولوا رجعنا بكل خير ... واجتمع الفرع والأصول (١)

فالرفاعي نجده في كل مرة لا يخاطب النبي إلا بالشعر، والنبي لا يجيبه إلا بالشعر! لماذا لا يخاطبه بلغة القرآن من غير شعر ولا نثر ولا سجع؟ وهل نسي القوم قول الله تعالى: وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُّبِينٌ [يس: ٦٩] ألم يعلموا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبغض الشعر؟ عن قتادة: قالت عائشة: ((كان الشعر أبغض الحديث إليه)) (٢). وكان صلى الله عليه وسلم يقول: ((إني والله ما أنا بشاعر وما ينبغي لي)) (٣).

(٦) أنه يلزم من تكليم الرفاعي للنبي صلى الله عليه وسلم وإمساك يده عيانا أن يصير صحابيا، فينال شرف الصحبة. ولو قالوا بأنها كانت رؤيا لما لزم ذلك. لكنهم يصرون على أن الحادثة كانت يقظة لا مناما. (٧) أن الرفاعية نقلوا عن الرفاعي أنه كان يحث المصلين على رفع الإصبع والإشارة به عند الصلاة مؤكدا على أن من فعل ذلك فإنه يمس به صدره الشريف. وأن من لم يفعل ذلك لا حصل على النبي ولا حصل له شيء من اليقين ولا علم كيف يصلي عليه. (٤)

فما ميزة الرفاعي عن غيره من عامة الناس الذين يمسون كل يوم صدره الشريف وعند كل صلاة! (٨) أن هذا العدد الهائل الذي ذكروه «تسعين ألفا» من الناس لا تتسع له المنطقة المحيطة بالمسجد برمتها، ولا يستطيع هذا العدد رؤية تقبيل اليد كلهم في وقت واحد (٥) وحتى لو وقفوا صفوفا طويلة لرؤية يد النبي صلى الله عليه وسلم لاستغرق ذلك أياما لكثرة عددهم الهائل، فهل بقي النبي مادا يده أياما أو على الأقل يوما كاملا ليراه هذا الحشد الهائل من الناس؟!

(٩) أنهم ذكروا في سياق القصة أن الرفاعي نودي من الحضرة العلية أن قم يا أحمد وزر البيت الحرام وزر قبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال سمعا وطاعة. فإن أرادوا بذلك أن الهاتف هو الله تعالى فهذه إذن كرامة أعظم من مجرد تقبيل يد النبي صلى الله عليه وسلم فلماذا لم يعيروها اهتمامهم؟!

(١٠) أن سياق الكلام الذي نسبوه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ينفي أن يكون هذا من كلامه، مثل أن يقول للرفاعي: «البس الزي الأسود» وكذلك قوله: «فإن الله نفع بك أهل السموات وأهل الأرض»، فبماذا انتفع به أهل السموات ثم إنه لم يكن يرد السلام بصيغة المفرد «وعليك السلام» ولم يعهد عنه لفظ «يا ولدي» ولم يقلها للحسن ولا الحسين رضي الله عنهما.


(١) ((قلادة الجواهر)) (ص (١٠٤، ((ضوء الشمس)) (١/ ١٧٦).
(٢) رواه أحمد (٦/ ١٣٤) (٢٥٠٦٤) والطيالسي (١٤٩٠) والبيهقي (١٠/ ٢٤٥) قال الهيثمي في ((المجمع)) (٨/ ١١٩) رجاله رجال الصحيح، وقال البوصيري في ((الإتحاف)) إسناده صحيح على شرط مسلم وصححه الألباني في ((الصحيحة)) (٣٠٩٥)
(٣) رواه الطبري في ((التفسير)) (٢٠/ ٥٤٩) وابن أبي حاتم (١٠/ ٣٢٠٠) قال الألباني في ((الصحيحة)) (٧/ ٢٤٥) إسناده إلى قتادة صحيح لكنه مرسل منقطع.
(٤) ((قلادة الجواهر)) (ص١٠٦)، وانظر كتاب ((ضوء الشمس للصيادي)) (١/ ١٧٧).
(٥) ذكر الصيادي في كتاب ((الحكم الرفاعية)) (ص ٥) أن الناس جميعهم رأوا يد النبي وهي تشق التابوت ليقبلها الرفاعي.

<<  <  ج: ص:  >  >>