للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فغضب الشيخ أحمد غضبا شديدا وقال: تأدب يا عمر. لا أفلح من كفر. حاشا وكلا أن يصل المخلوق إلى مرتبة الربوبية. بل لله أسماء وصفات، فإذا تخلق العبد بأسماء ربه وصفاته وتحقق بهما فينظر إليه الحق بعين قربه فيصير فعله من فعل ربه.

والتفت الشيخ إلى النهر وقال: يا خلق ائتوني طائعين، واحضروا إلي مشويين لتأكل منكم الإخوان والحاضرون.

فما استتم قوله حتى تراكمت عليه الأسماك من البحر ونطقت بلسان عربي فصيح: السلام عليك يا خلاصة خلقه. كل من لحمنا لنسعد بك يوم القيامة.

فأخذ الشيخ من الأسماك وهي مشوية ووضعها بين أيديهم، وأتى لهم من عالم غيب الله تعالى بخبز طري ساخن رائحته تفوق المسك والعنبر، فأكل الشيخ وأكل القوم أجمعون وما بقي من الأسماك إلا العظام النخرة.

- إحياء العظام النخرة:

فقال السيد عمر الفاروثي: يا سيدي: ما علامة الرجل المتمكن المتصرف في كون وجوده؟

فقال الرفاعي: هو أن يقول لهذه العظام كوني سمكا كما كنت أولا بإذن الله تعالى.

فما استتم كلامه حتى قامت وتناثرت سمكا حيا: شاهدة لله بالوحدانية وللنبي بالرسالة وبالسيد الرفاعي بالولاية العظمى». انتهىولقد بلغ من حب الأسماك له أنه كان كلما مشى على الشاطئ تخرج الأسماك من بطن البحر لالتماس بركاته وتزدحم على أقدامه الشريفة، وتسأله بحق الله أن يأكل منها. (١) ورووا عنه أنه خرج مرة مع جماعته إلى البر فجاعوا فرأى الشيخ سربا طائرا من الأوز (البط) فأمرهم بالنزول حالا، فنزلت إحداهن بين يديه مشوية جاهزة، فأكلها رجل من رجال الغيب كان معه وما بقي إلا عظامها، فأخذ العظام ومرر عليها يده وقال: أيتها العظام المتفرقة الأوصال المنقطعة: اذهبي بسم الله الرحمن الرحيم. فذهبت وزة سوية وطارت في الجو ثانية. (٢)

- الأسد يكلم الرفاعي بلسان فصيح الفصيح:

وذكروا أيضاً أن الشيخ الرفاعي رأى أسداً يفترس شاباً وقد «خلع» كتفه من يده ومكث يأكله. فزجره الشيخ الرفاعي زجراً شديداً وقال له: يا خلق الله أما نهيتكم عن أذية الخلق الذين يمرون ببلادنا فنطق السبع وأتى إلى حضرة الشيخ مسلما عليه بلسان عربي فصيح قائلا له:

«يا سيد السادات وصاحب الجود والكرامات: لي سبعة أيام ما أكلت شيئاً، وهذا الشاب أرسله الله لي رزقا مقسوما. فالتفت إليه الشيخ الرفاعي بنظر الغضب والجلال، فوقع السبع ميتا في الحال، فأخذ الشيخ ذراع الشاب ووضعها في مكانها وقال: بسم الله الرحمن الرحيم. ومسح عليه بيده المباركة فعاد كما كان أولا بل أشد وأقوى». (٣) وهذه القصة منسوبة إلى آخر غير الرفاعي وهو الشيخ عزاز بن مستودع البطائحي ذكرها النبهاني في جامعه. (٤) قال الصيادي: «وحكي أن الفقراء - أي الصوفية - كانوا يتواجدون فداسوا طفلا كان نائما فمات وترضرض حتى لم يعد يعرف ظهره من بطنه، فأحياه الشيخ بعد موته. (٥) وحكي أن أمير مصر صنع لأحد الرفاعيين ضيافة عظيمة وجعل أمامه طبقا فيه دجاجة فنظر إلى الطبق وقال: «سمعت سيدي الشيخ أحمد الرفاعي يقول: الولي المتمكن يحيي الموتى بإذن الله. ثم نظر إلى الدجاجة وقال لها: قومي بإذن الله. فقامت الدجاجة وشقت المجلس وخرجت. (٦)

وكذلك حكي أن الشيخ محمد سراج الدين الرفاعي المخزومي قد مر بغلام يذبح شاة فلما رآه والشاة تختبط مذبوحة وقد قرب خروج روحها قال للذابح:


(١) ((قلادة الجواهر)) (ص١٠٢).
(٢) ((قلادة الجواهر)) (ص ٧٣).
(٣) ((قلادة الجواهر)) (ص٩١)، وانظر ((روضة الناظرين)) للوتري ٥٨) – ٥٩).
(٤) ((جامع كرامات الأولياء)) (٢/ ١٥١).
(٥) ((إرشاد المسلمين)) (ص٨٢)، ((جامع كرامات الأولياء)) (١/ ٢٩٦).
(٦) ((إرشاد المسلمين)) ١٢٤) – (١٢٥، ((روضة الناظرين)) للوتري (ص١٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>