للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا تحلى الأولياء بهذه الخوارق الهائلة من كفاية ورعاية وهداية وعناية فما المانع حينئذ من أن يكونوا ظل الأرض وأمان أهلها من كل خوف وأذية بعد أن ضاهوا الله في قدرته وصاروا صفة من صفاته، يقولون للشيء كن فيكون، ويتحكمون في الكون، ويكشفون المكنون!!

الحقيقة أنهم صاروا عند الرفاعية كذلك، فقد ذكر الصيادي عن الشيخ عثمان القصير أنه قال: «كان الشيخ علي الرفاعي - خليفة الشيخ أحمد - أمانا لأهل الأرض، وظلا ظليلا على سائر الخلق». (١)

ولما ذكر الرفاعي أنه صحب ثلاثمائة ألف أمة وأنه كان يعرف كلامهم وصفاتهم وأسماءهم وأرزاقهم وآجالهم، تعجب خادمه يعقوب فقال له الشيخ: «وأزيدك أيضاً أنه لا تستقر نطفة في فرج أنثى إلا ينظر الولي إليها ويعلم بها».

فقال يعقوب: يا سيدي هذه صفات الرب جل وعلا!! فقال الشيخ: يا يعقوب، استغفر الله تعالى (٢) فإن الله إذا أحب عبدا صرفه في جميع مملكته، وأطلعه على ما شاء من علوم الغيب .. وإذا كان الحق تعالى مع عبده كما يريد، صار كأنه صفة من صفاته». (٣)

ذكر الشعراني تلك المساجلة بين الشيخ الرفاعي وخادمه يعقوب، وزاد على ذلك بأن نقل عن شيخه (علي الخواص) شروطاً يجب توافرها في الولي الصوفي وهي:

١ - أن يكون عنده علم يكشف به الحقائق والدقائق.

٢ - أن يعلم ما جاز وما وجب وما استحال.

٣ - أن يكون له سريان في العوالم العلويات والسفليات. ٤ - أن يكون له قوة على التلبس (٤) في الصور، والتطور في الرتب.

٥ - أن ينظر أحوال مريده من اللوح المحفوظ. ٦ - أن يراقب مريده من حين كان في عالم الذر قبل وروده وهبوطه إلى أصلاب الآباء وبطون الأمهات. (٥) وإذا كان للأولياء هذا المبلغ من الكشف والعلم الغيبي على النحو الذي يشترطه شيخ الشعراني فلا يعجب حينئذ أن يقرأ في كتب الشعراني أن شيخه المذكور كان ينظر في الميضأة فيرى الذنوب التي تتساقط عليها من أثر الوضوء، وأنه نظر مرة إلى المغطس فقال: «لا جزى الله خيرا من اغتسل في هذا المغطس فإنه قذره وأنتنه. فسألوا عمن اغتسل فيه فوجدوه رجلا كان قد فعل الفاحشة في عبده» (٦)

المصدر:الطريقة الرفاعية لعبد الرحمن دمشقية - ص ٥٣ فما بعدها

- الرفاعي يخاطب أمه وهو في بطنها

وجاء في كتاب (الروض النضير) أن الشيخ الرفاعي كان يخاطب أمه وهو في بطنها فيقول:

«يا أماه السلام عليك. فتقول: وعليك السلام يا ولدي. ما اسمك؟

فيقول: اسمي أحمد.

ولقد سألها مرة - وهو حمل في بطنها -: ما تطلبين من الله؟

فقالت: الرحمة.

فقال: لها أسباب سبعة:

١ - النية الصالحة. ٢ - الصلوات الخمس.


(١) ((قلادة الجواهر)) (ص ٣٥٠)
(٢) وفي ((قلادة الجواهر)) (ص (١٤٣، و ((روضة الناظرين)) (ص ٥٩) أنه قال لمن أنكر في قلبه «استغفر الله مما خطر في قلبك» وهذا عجيب أن نرى مخلوقين يطلعون على القلوب ويأمرون الناس بالاستغفار مما خطر فيها، فإن الذي يعلم السر وأخفى قد عفا عما يخطر في البال وهؤلاء يطالبون بالاستغفار منه!!
(٣) ((قلادة الجواهر)) (ص ٦٨)، ((لطائف المنن والأخلاق)) ٤٧٠) – ٤٧١).
(٤) بمعنى التشكل بالأشكال المختلفة.
(٥) ((لطائف المنن والأخلاق)) ٤٦٢) – ٤٦٣).
(٦) ((لطائف المنن والأخلاق)) (ص ٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>