للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولقد اعتبر أهل السنة والحديث أن من وافق الشيعة في هذا الادعاء ألحق بهم واستحق وصفه بالتشيع ونهوا عن أخذ الحديث منه. قال النووي رحمه الله: «قال القاضي: ولما عرف عن الحارث (أحد الرواة) قبح مذهبه وغلوه في مذهب الشيعة ودعواهم الوصية إلى علي رضي الله عنه وسر النبي صلى الله عليه وسلم إليه من الوحي وعلم الغيب ما لم يطلع غيره عليه: سيء الظن في الحارث (أي تركوا روايته لذلك). (١)

فهذه الألقاب التي اعتبرها القاضي غلوا في التشيع نجدها عند الصوفية عامة وعند الرفاعية بوجه خاص. فالإمام علي عند الرفاعية «باب مدينة العلوم» (٢) و «سر باب النبي صلى الله عليه وسلم». (٣)

وقد وافقوا الباطنية في قولهم بالعلم الباطن فقال الواسطي من الرفاعية: «وقد صح أن سلمان تلقى علم الباطن عن أمير المؤمنين علي، وهو «أخذه» عن ابن عمه صلى الله عليه وسلم» (٤) ويعرف عندهم أيضاً بـ «العلم المكتوم» كما وصفه الغزالي (٥) أو «العلم اللدني» الذي يزعمون أخذه عن الخضر مباشرة، مثلما يدعي الباطنية أنهم أخذوه عن المهدي المعصوم صاحب الزمان والسرداب مباشرة أيضاً. وصار هذا العلم عند الصوفية علما آخر غير العلم اللدني الشرعي الذي أوتيناه من لدن نبينا والذي أوتيه هو من لدن ربه. وصارت له أحكام وفتاوى تختلف عن الأحكام المتعلقة بالعلم الشرعي حتى إنك لتجدهم يقولون في ترجمة سيرة شيخ من مشايخهم: «درس الشيخ الفلاني وأفتى في علمي الظاهر والباطن. (٦) وقد جعلوا البوح بهذا العلم كفرا وأوجبوا كتمه، وهو عين قول الشيعة الباطنية الذين يقولون: «إن هذا العلم مكنون فاكتموه إلا من أهله». (٧)

المصدر:الطريقة الرفاعية لعبد الرحمن دمشقية - ص١٧٤، ١٧٥


(١) ((شرح النووي على مسلم)) (١/ ٩٩).
(٢) ((قلادة الجواهر)) (ص١٩).
(٣) ((المعارف المحمدية)) (ص٣٠).
(٤) ((ترياق المحبين)) (ص (٧ ط: المطبعة البهية المصرية ١٣٠٤ هـ.
(٥) ((ميزان العمل)) (ص١١١) لأبي حامد الغزالي ط: دار الكتب العلمية.
(٦) ((جامع كرامات الأولياء)) ١) /١٨٩) للنبهاني.
(٧) ((لطائف المنن)) للشعراني (ص ٤٨٩). وانظر في المقابل كتاب ((من لا يحضره الفقيه)) لابن بابويه القمي الشيعي (٤/ ٤١٤ – ٤١٥) باب أحوال الأنبياء والأوصياء.

<<  <  ج: ص:  >  >>