للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد بلغ الزهد بأبي يزيد أن صار زاهدا في الآخرة وفي الجنة، فهو لا يريدها لكنه يريد الله فقط. قال: «أوقفني الحق بين يديه مواقف في كلها يعرض علي المملكة فأقول: لا أريدها، فقال الله: فماذا تريد؟ فقلت له: أريد أن لا أريد» (١). وصرح السرهندي بأن رفع الاثنينية بين الخالق والمخلوق مطلوب في مقام الولاية، ثم احتج بقول أبي يزيد هذا (٢).وحتى العبادة لا يريدها ولا يراها مقربة إلى الله، ولهذا روى النقشبنديون عنه أنه قال: «وقفت مع العابدين فلم أر لي معهم قدما، فوقفت مع المجاهدين فلم أر لي معهم قدما، ووقفت مع المصلين فلم أر لي معهم قدما، فقلت: يا رب كيف الطريق إليك؟ فقال: اترك نفسك وتعال» (٣).

وإنما العبادة مشغلة ينشغل بها العابدون عن الله، هذا ما استحسن ذكره النقشبنديون بصرف النظر عن مدى ثبوت ذلك عن أبي يزيد. فقد رووا عنه أنه قال: «اطلع الله على قلوب أوليائه فرأى منهم من لم يكن يصلح لحمل المعرفة صرفا: فشغله بالعبادة» أضاف «وإن في الطاعات من الآفات ما يحتاج إلى أن تطلبوا المعاصي» (٤).

تعظيم النقشبنديين لابن عربييصفونه بالشيخ الأكبر ويقولون عند ذكر اسمه: «قدس الله سره» ويصفونه بـ «غوث المحققين وقطب الموحدين» مع اعترافهم بأنه كان يقول: أنا ختام الأنبياء والمرسلين (٥).ولا يزال النقشبنديون يصفونه بخاتم الأولياء (٦)، يعني أنه لا يوجد ولي لله بعد ابن عربي إلى يوم القيامة.


(١) ((المواهب السرمدية)) ٥٥ ((الأنوار القدسية)) ١٠١ - ١٠٢.
(٢) ((مكتوبات الإمام الرباني)) ٣٦٤.
(٣) ((تنوير القلوب)) ٤٦٩ ((الأنوار القدسية)) ٩٨.
(٤) ((المواهب السرمدية)) ٦١ ((الأنوار القدسية)) ١٠٤ وكذلك انظر ((المواهب السرمدية)) ٥٠.
(٥) ((البهجة السنية في آداب الطريقة النقشبندية)) ٥١ وانظر المكتوبات ص ١٩٣.
(٦) ((المواهب السرمدية)) ١٦٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>