للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقول في كتاب (مجموعة الفتح): "لما كان ليلة الأحد أدخلت آخر الليل إلى الحجرة الفاخرة ووقفت بين يدي الحبيب وقال لي في تلك الليلة: أنت محبوبي وأنت مطلوبي وأنت مرغوبي – وأشار أن في أتباعي ما ينوف عن ألف يكونون من أكابر المقربين" (١)، ويذكر أن الرسول صلى الله عليه وسلم حضر أثناء قراءته المولد فيقول: كان يوم الجمعة يوم ثلاثة وعشرين من رجب الذي فيه الأنوار تنصب، كنت في قراءة المولد فحضر صاحبه صلى الله عليه وسلم ومعه جمع من أهل منصبه، فبشرني بأن عشرة من الذرية يكونون ورثة الكبار من الذروة النبوية، منهم الثمانية الظاهرون له في السموات في المعراج (٢)، ونوح والمرقى لكل في علو الأدراج، وألف من الصحب يكونون في الجوار في أعلى الجنان مع الأنبياء من جواره وذلك أكبر امتنان " (٣).والقول برؤية الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام حق لا شك فيها ويمكن تحققها لبعض الصالحين، لما ورد من الأحاديث الصحيحة التي بين فيها صلوات الله وسلامه عليه ذلك ووضح أن الشيطان لا يتمثل به ومن ثم فمن رآه في المنام فقد رآه حقا. ومن ذلك ما رواه أنس رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من رآني في المنام فقد رآني فإن الشيطان لا يتمثل بي، ورؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة)) (٤).وما رواه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((من رآني فقد رأى الحق فإن الشيطان لا يتكونني)) (٥).وأما رؤيته صلى الله عليه وسلم بعد موته يقظة، فلم يقل بها أحد من أهل السنة والجماعة، ومن ثم فإن مزاعم بعض الصوفية أنهم يرون الرسول صلى الله عليه وسلم عيانا لا أساس له، ومن زعم أنه رأى ما يوهم ذلك فليعلم أنه من تلبيس الشيطان ولا ينطبق عليه، ((فإن الشيطان لا يتمثل بي) وفي ذلك يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: "وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من رآني في المنام فقد رآني حقا فإن الشيطان لا يتمثل في صورتي)) (٦).فهذا في رؤية المنام لأن الرؤية في المنام تكون حقا وتكون من الشيطان، فمنعه الله أن يتمثل به في المنام، وأما في اليقظة فلا يراه أحد بعينه في الدنيا. فمن ظن أن المرئي هو الميت فقد أتي من جهله، ولهذا لم يقع مثل هذا لأحد من الصحابة والتابعين لهم بإحسان، وبعض من رأى هذا أو صدق من قال أنه رآه، اعتقد أن الشخص الواحد يكون بمكانين في حالة واحدة فخالف صريح المعقول، ومنهم من يقول إن: هذا رفيقه ذلك المرئي (أي قرينه وشبحه) أو هذه روحانيته، أو هذا معناه تشكل، ولا يعرفون أنه جني تصور بصورته، ومنهم من يظن أنه ملك، والملك يتميز عن الجني بأمور كثيرة، والشياطين يوالون من يفعل ما يحبونه من الشرك والفسوق والعصيان، فتارة يخبرونه ببعض الأمور الغائبة ليكاشف بها، وتارة يؤذون من يريد أذاه بقتل أو تمريض ونحو ذلك، وتارة يجلبون له من يريد من الإنس، وتارة يسرقون له ما يسرقون من أموال الناس من نقد وطعام وثياب وغير ذلك، فيعتقد أنها من كرامات الأولياء وإنما يكون مسروقا".


(١) ((مجموعة فتح الرسول))، (ص ١٣٧).
(٢) هم: آدم ويحيى وعيسى ويوسف وإدريس وهارون وموسى وإبراهيم: انظر، ((المولد)). (ص: ٤٦).
(٣) ((النفحات المكية))، (ص ٥).
(٤) رواه البخاري (٦٩٩٤) وروى مسلم الشطر الأول منه (ص٢٢٦٦).
(٥) رواه البخاري (٦٩٩٧) ورواه مسلم إلى قوله: الحق (ص٢٢٦٧).
(٦) رواه مسلم (٢٢٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>