للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي (مجموعة فتح الرسول) وتحت عنوان: " باب إرسال الهواتف "، نجد أيضا هذه الطلاسم والأسماء الأعجمية الغريبة يستعان بها لتخويف الناس وإرهابهم، فينقلون عن محمد النورسي صيغة هذا الدعاء، ويقدم له كما يقولون: أن تصوم لله تعالى يوم الخميس وتصلي العشاء الآخرة ليلة الجمعة، ثم تصلي ركعتين لله تعالى وتقرأ الجلالة ألف مرة، وعلى رأس كل مائة تقول هذا الدعاء: اللهم إني أسألك بألف القائم، الذي ليس قبله سابق، وأسألك بالأمين الذي تمم بهم الأسرار، وجعلتهم بين العقل والروح، وأسألك بها المحيطة باللام، والمتحركات والصوامت والجوامد والنواطق، نموخ سلوخ بعزة أجب سيد يا كيهيائيل، واذهب إلى فلان بن فلانة، على صفتي وكيستي واسمي ولبسي وامض إليه وخوفه خوف الموتى حتى إذا أصبح يأتي إلي ويقضي حاجتي، الوحا، العجل، الساعة (١) "!!!.

من هذا العرض لأوراد الختمية وأذكارهم يتبين لنا ما يأتي:

إن أذكار الختمية وأورادهم بعيدة كل البعد عن الأذكار الواردة في القرآن والمأثورة عن الرسول صلى الله عليه وسلم.

أنهم خصصوا أذكارا معينة وأورادا معينة بأيام خاصة وأوقات خاصة من غير دليل شرعي أو سند من أثر.

إن أورادهم وأذكارهم يغلب عليها السجع المتكلف الذي يصرف الذهن عن التوجه إلى الله في صدق ومخاطبته تعالى في إخلاص.

إن بعض أورادهم مليئة بالألفاظ الأعجمية والأسماء الغريبة لروحانيات يخاطبونها كما يزعمون ويسعون إلى تسخيرها لخدمتهم.

وعلى كل واحدة من هذه النقاط نورد ما يلي: أما بالنسبة للقضية الأولى والثانية، فإنه مما لا مأخذ فيه أن يدعو المسلم الله سبحانه وتعالى بما شاء من أنواع الأدعية والأذكار، سواء كانت مما ورد في الكتاب والسنة أم لا، بشرط أن لا تتضمن مخالفة ما للعقائد أو التصورات الإسلامية، رغم أنه من الأفضل، أن يقتصر المسلم ما أمكنه ذلك، ويتقيد بما ورد في الكتاب والسنة. ولكن يتوجه الإنكار حين يتخذ المسلم هيئات معينة وكيفيات مخصوصة من الأدعية والأذكار والصلوات، ويجعل لنفسه أدعية معينة وأوراد مخصوصة يرددها في أوقات معينة وبأعداد محدودة ويتخذها شعارا لطائفة معينة يتميزون بها عن سائر المسلمين ويعتقدون أنها واجبة أو مندوبة، ويرتبون على ذلك ما لا يحصى من الثواب، وأن من تركها حلت عليه العقوبة ويستغنون بها عن الأوراد الشرعية الثابتة بالكتاب والسنة فالختمية وقعوا في هذا الخطأ حينما اتخذوا لهم أورادا خاصة وأذكارا معينة وخصصوها بأوقات وأعداد وجعلوها شعارا لطائفتهم وآثروها على الأدعية المأثورة والأذكار الواردة في القرآن والسنة ولا شك أن هذا تشريع ما لم يأذن به الله في أمر العبادة التي ينبغي فيها التقييد والتقليد، وهذا داخل في الأعمال المردودة على صاحبها لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد)) (٢).وقد قرر كثير من علماء الإسلام أن مثل هذه الأوراد من البدع المحرمة وأكدوا أنه لا ينبغي الاستعاضة بهذه الأوراد المأخوذة من الطريقة أو مشايخها عما ورد عن المصطفى صلى الله عليه وسلم، فيقول ابن الجوزي: ثم من أقبح الأشياء القول: إن الصوفية ينفردون بسنن، لأنها إن كانت منسوبة إلى الشرع فالمسلمون كلهم فيها سواء، والفقهاء أعرف بها، فما وجه انفراد الصوفية بها، وإن كانت بآرائهم فإنما انفردوا بها لأنهم اخترعوها (٣).


(١) ((مجموعة فتح الرسول)) (ص ١٤٢).
(٢) رواه مسلم (١٧١٨) والبخاري تعليقا.
(٣) ((تلبيس إبليس)) (ابن الجوزي) (ص ١٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>