وقال الآخر: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان حاضر رسالة كل رسول وما وقع من لدن آدم إلى أن ظهر بجسمه الشريف" (١).
وهذا مع قول الله عز وجل لنبيه بعد ما حكى وقائع موسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام:
وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الأَمْرَ وَمَا كُنتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ [القصص: ٤٤]
وأيضا:
وَمَا كُنتَ ثَاوِيًا فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ [القصص: ٤٥]
وكما قال:
وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَكِن رَّحْمَةً مِّن رَّبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْمًا مَّا أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ [القصص: ٤٦]
وقال لنبيه بعد حكاية قصة مريم:
وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُون أَقْلاَمَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ [آل عمران: ٤٤]
وقبل ذلك بين له أخبار نوح ويوسف فقال:
تِلْكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلاَ قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ [هود: ٤٩]
ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُواْ أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ [يوسف: ١٠٢]
وحكى الله عز وجل في كتابه بذهاب نبيه محمد صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى بقوله:
سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الإسراء: ١]
أي أنه ذهب به إلى المسجد الأقصى حيث لم يكن هناك من قبل وإلا لم يخبر بذهابه هناك، ولم يتعجب به قومه.
وقال جل من قائل:
إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا [التوبة: ٤٠]
أي أخرجوه من مكة وذهب بأبي بكر إلى الغار وبعد خروجه لم يكن في مكة وقبل خروجه لم يكن في الغار.
وقال:
وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُواْ اللهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [آل عمران: ١٢٣]
إِذْ أَنتُم بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُم بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنكُمْ [الأنفال: ٤٢]
أي نصر الله رسوله عند نزوله ببدر وفي العدوة الدنيا عند نزول الكفار في العدوة القصوى حيث خرج من المدينة مع أصحابه الثلاث مائة وثلاث عشرة مجاهد ولم يكن في المدينة بعد خروجه كما لم يكن في البدر قبل خروجه إليها،
وقال:
َقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ [الفتح: ١٨]
فكان هذا في الحديبية في العام السادس بعد الهجرة حيث لم يكن في المدينة كما لم يكن في مكة ولم يكن في الحديبية موجودا قبله ولم يبقى فيها بعد رجوعه إلى المدينة وقال:
لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاء اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لا تَخَافُونَ [الفتح: ٢٧]
أي لتدخلن فيه حيث لم تكن موجودا فيه من قبل،
(١) ((جاء الحق)) (١٦٣).