للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونقل من أحد متبوعيه أنه قال: ومن إعظامه وإكباره صلى الله عليه وسلم إعظام جميع أسبابه وإكرام مشاهده وأمكنته من مكة والمدينة ومعاهده وما لمسه أو عرف به" (١).هذا وما دام يعظم آثار النبي. فآثار الأولياء والصالحين والعلماء تعظّم أيضا ويتبرك بها لأنهم ورثوا بركاته وفيوضه" (٢)."ولا يحتاج أن يطلب دليل وسند لصحة نسبة هذه الآثار إلى أصحابها ويكفي في ذلك أن تكون نسبتها مشهورة بين الناس" (٣).

وكيف تعظّم هذه الآثار ويتبرك بها؟ بينها البريلوي في رسالة أخرى، أن يبوس هذه الآثار ويقبلها لأنه دستور أهل الحب والولاء ومسطور في كلمات الأئمة والعلماء مثل منائر المدين وجدرانها ولو لم تكن في زمن الرسول عليه الصلاة والسلام، وبنيت وأحدثت بعده ولم تتشرف بمسه ورويته ولكنها واقعة في بلدته – ثم استدل بكلمات أئمته كما صرح، وأول إمام له هو مجنون بني عامر – ولله در من قائل:

أمر على الديار ديار سلمى ... أقبل ذا الجدار وذا الجدارا

وما حب الديار شغفن قلبي ... ولكن حب من سكن الديارا

ثم استدل بإمامه الآخر فإنه قال:

وجدير لمواطن استملت تربتها على جسد سيد البشر صلى الله عليه وسلم مدارس ومساجد ومشاهد ومواقف أن تعظم عرصاتها وتنسم نفحاتها وتقبل ربوعها وجدرانها.

وعليّ عهد أن ملأت محاجري ... من تلكم الجدران والعرصات

لأغفرن مصون شيبي بينها ... من كثرة التقبيل والرشفات

وحتى عتبات قبور الأولياء وأبوابها كما صرح البريلوي في رسالته هذه" (٤).

وأنها سبب الفوز والنجاة:

فبادر والثم الآثار منها ... بقصد الفوز في يوم الحساب (٥)

وماذا كان يعمله مشركو مكة وكفار الجزيرة أو غير هذا أو أكثر من ذلك؟

ولكن القوم تجاوزوا الحدود وسبقوهم حيث قالوا: لا يجوز تقبيل جدران المدينة والقبور وآثار الأنبياء والصلحاء والعلماء فحسب بل يجوز أيضا تقبيل صور هذه الأشياء وأمثالها وتماثيلها بل ويجب، فيقول البريلوي: إن الأرفع والأعلى والأجلى بأن علماء الشريعة والأئمة المعتمدين طبقة عن طبقة عن الشرق والغرب، من العرب والعجم كانوا يصورون النعال المطهرة والروضة المعطرة لسيد البشر ويمثلونها ويسطرونها في الكتب ويقبلونها ويضعونها على العيون والرؤوس وكانوا يأمرون به" (٦)."وكانوا يتوسلون بها "أي هذه التمائيل والصور" في دفع الأمراض وحصول الأغراض ويتحصلون بها عظيم البركات وجليل المنافع" (٧).

والمنافع التي تحصل منها يبينها البريلوي نفسه بقوله: من يوجد عنده صورة النعل يحفظ من ظلم الظالمين وشر الشياطين وحسد الحاسدين وإن أمسكتها المرأة بيدها اليمنى في مخاضها سهلت عليها الولادة، ومن حفظها عنده والتزمها عظم في أعين الخلق وحصلت له زيارة الروضة المقدسة أو زيارة رسول الله صلى الله عليه وسلم في منامه، وإن احتفظها العساكر لا يهزمون والقوافل لا ينهبون، وإن وضعت في السفن لا تغرق وفي الأموال لا تسرق، وأية حاجة يتوسل بها تقضى، ولأية نية تعلق توفي، ومواضع المرض والوجع لو وضعت عليها تشفى، ومن المصائب والآلام المهلكة تنجي" (٨).


(١) ((بدر الأنوار)) (٢١).
(٢) ((بدر الأنوار)) الفصل الثاني (٢٣).
(٣) ((بدر الأنوار)) الفصل الرابع (٤٣).
(٤) رسالة البريلوي ((ابرّ المقال في قبلة الإجلال)) المندرج في ((مجموعة رسائل)) (١٥٩) وما بعد.
(٥) رسالة البريلوي ((ابرّ المقال في قبلة الإجلال)) المندرج في ((مجموعة رسائل)) (١٤٣).
(٦) ((أبرّ المقال في قبلة الإجلال)) (١٤٣).
(٧) ((بدر الأنوار في آداب الآثار)) (٣٨).
(٨) ((بدر الأنوار في آداب الآثار)) (٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>