للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونقل من أئمته في هذه الخرافات التي لا تقل عن خرافات الجاهلية الأولى أنهم قالوا: ألثم التراب الذي حصل له النداوة من أثر النعل الكريمة إن أمكن ذلك وإلا فقل أمثالها" (١)."ومن فوائد ذلك أن من لم يمكنه زيارة الروضة فليزر أمثالها وليلثّمه مشتاقا لأنه ناب مناب الأصل كما قد ناب مثال نعله الشريفة منابة عينها في المنافع والخواص بشهادة التجربة الصحيحة، ولذا جعلوا له من الإكرام والاحترام ما يجعلون للمنوب عنه" (٢).

وأيضا:"من فوائد ذلك أن يزور الأمثال من لم يتمكن من زيارة الروضة ويشاهدها مشتاقا ويلثمها ويزداد فيها حبا وشوقا وقد استنابوا مثال النعل عن النعل وجعلوا من الإكرام والاحترام ما للمنوب عنه وذكروا له خواصاً وبركات" (٣).

وبعد ذلك كتب آداب زيارة هذه التماثيل والصور بعد بيان حقيقة هذه الأشياء."وإنها من المعظمات الدينية، وتعظيمها وتكريمها على وجه الشريعة من مقتضيات إيمان صحيح الإيمان" (٤).ويجب على من يزور هذه الآثار أو أشياء تدل على تلك الآثار أن يتصور الرسول ذا النور صلى الله عليه وسلم ويصلي عليه بكثرة وكثرة .... وكذلك من يزور شبيه الروضة المباركة فليعظمه ويكرمه ويكثر الصلاة والسلام مثلما كان يفعل عند زيارة الأصل" (٥).

ثم بيّن فضائل ومناقب تقبيل هذه التماثيل والصور ونقل فيها أبياتا منها:

لمن قد مس شكل نعال طه ... جزيل الخير في يوم المآب

وفي الدنيا يكون بخير عيش ... وعزفي الهناء بلا ارتياب

وفي مثلك يا نعال أعلى النجبا ... أسرار بها شهدنا العجبا

من صاخ خده به مبتهلا ... قد قام له ببعض ما قد وجبا (٦)

وفمن قبلتها مثل نعل كريمة ... بتقبيلها يشفى من اسمه استشفى

فقبله لثما وامسح الوجه موقفا ... بنية صدق تبلغن ما كنت مضمرا" (٧)

ومن سوء أدب القوم في جناب الله عز وجل أنهم يوقرون مثال النعل ويعظمون المقابر والمشاهد ولكنهم ليسيئوا إلى حضرة الرب جل وعلا حيث يقولون: يجوز كتابة اسم الجلالة في تمثال النعل – ثم استدل برواية – أن الأئمة كانوا يكتبون في ظهور النعال" (٨).

وبعد هذا كله أظهر ما لأجله روج هذه الأشياء وأمر بتعظيمها وبتكريمها والتبرك بها وهو الأكل والشرب والكسب فقال:

"ويستحب للزائر أن يقدم النذور إلى من يأتي بهذه الآثار الشريفة للنبي صلى الله عليه وسلم أو للولي المكرم المعظم فيثاب المهدي والآخذ لإعانة المسلمين حيث أعان المزور الزائرين بزيارة هذه الآثار وأعان الزوار المزور بتقديم النذور إليه مصداق قول الرسول عليه السلام: من استطاع منكم أن ينفع أخاه فلينفعه".قال: وقال صلى الله عليه وسلم: الله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه، وخاصة حينما يكون أصحاب الآثار والتبركات من الأشراف الكرام، لأن خدمتهم سبب لحصول الأجر والبركات" (٩).

فهذا هو دين القوم وهذه هي تعليماتهم ضد تعليمات ذلك النبي الكريم عليه الصلاة والسلام الذي منع أصحابه وأمته من المبالغة حتى في ذاته صلى الله عليه وسلم حيث قال: ((لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى بن مريم)) " (١٠).


(١) ((أبرّ المقال في قبلة الإجلال)) للبريلوي (١٤٨).
(٢) ((أبرّ المقال في قبلة الإجلال)) للبريلوي (١٤٨).
(٣) ((أبرّ المقال في قبلة الإجلال)) للبريلوي (١٥٠،١٥١).
(٤) ((بدر الأنوار)) (٥٣).
(٥) ((بدر الأنوار)) (٥٦).
(٦) ((بدر الأنوار)) (١٤٤).
(٧) ((بدر الأنوار)) (٥٦).
(٨) ((بدر الأنوار في آداب الآثار)) (٤١،٤٢).
(٩) ((بدر الأنوار)) (٥٠،٥١).
(١٠) رواه البخاري (٣٤٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>