للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلى ذلك كتب الملا على القارئ الحنفي: أنه ألجأ هؤلاء على هذا الغلو اعتقادهم أنه يكفّر عنهم سيئاتهم ويدخلهم الجنة وكلما غلوا كانوا أقرب إليه فهم أعصى الناس لأمره وأشدهم مخالفة لسنته، فيهم شبه ظاهر من النصارى غلوا على المسيح أعظم الغلو وخالفوا شرعه ودينه أعظم المخالفة" (١).

وقال عليه السلام: ((لا ترفعوني فوق حقي فإن الله تعالى قد اتخذني عبدا قبل أن يتخذني رسولا)) (٢).

وقال صلى الله عليه وسلم: ((لا يستهوينكم الشيطان، أنا محمد بن عبدالله ورسوله، ما أحب أن ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلني الله)) (٣).

فهل يرضى ويتصور في دينه الذي جاء به عن خالق الكون رب السموات والأرض أن تعظم تلك الصور والأمثال والتماثيل وتلك الشبيهات التي لم تأت شريعة السماء إلا لإبطالها وهدمها والرد عليها.

معاذ الله أن يكون كذلك ولكن أنى لهؤلاء الناس أن يتوجهوا إلى تعاليم القرآن ومن نزل عليه القرآن.

وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ [الأنعام: ١٢٥]

صدق الله العظيم.

واخترعوا للأكل والشرب مسألة غريبة وبدعة قبيحة وهي إن مات شخص ولم يصل ولم يصم فيمكن إدخاله الجنة بتقديم الطعام إلى الأحبار والرهبان غير كثير، عن كل صوم نصف صاع من بر أو صاعا من تمر أو شعير، وكذلك عن كل صلاة، ومن جاء ليتاجر بالجملة فيرخّص له خصوصا حيث جعلوا له الحيلة، وإليكم بيان ذلك من كتب القوم الذين نسوا ما قال الله عز وجل في محكم كتابه:

إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا [النساء: ١٠]

وقال الله عز وجل:

وَأَن لَّيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى النجم: ٣٩ - ٤٠ [.]

وقال وهو أصدق القائلين:

وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى [الأنعام: ١٦٤].

وقال:

يُخَادِعُونَ اللهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ [البقرة: ٩]

ولكن القوم يقولون ضاربين صفحا عن كلام الله الحق وعن تعاليم الرسول الصادق الأمين عليه السلام ويقولون:


(١) ((الموضوعات)) للملا علي القاري الحنفي (١١٩،١٢٠).
(٢) رواه الطبراني في ((الكبير)) (٣/ ١٢٨) (٢٨٨٩). قال ابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (٤/ ٧٦): مرسل حسن. وقال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (٩/ ٢٤): إسناده حسن.
(٣) رواه أحمد (٣/ ١٥٣) (١٢٥٧٣) من حديث أنس رضي الله عنه, قال محمد بن عبد الهادي في ((الصارم المنكي)) (٤٥٩): إسناده صحيح على شرط مسلم. وقال أحمد شاكر في ((عمدة التفسير)) (١/ ٦١١): إسناده صحيح. وقال الحكمي في ((معارج القبول)) (٢/ ٥٣٢): إسناده جيد. وقال الألباني في ((السلسلة الصحيحة)) (١٠٩٧): إسناده صحيح على شرط مسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>