"أريد أن أرسل هنا قصتين لأكابرنا كنموذج، إحداهما رسالة سامية لشيخ المشايخ قطب الإرشاد حضرة الكنكوهي، قدس سره، التي كتبها إلى شيخه شيخ العرب والعجم الحاج إمداد الله أعلى الله مرتبته، وهي مطبوعة في "مكاتيب رشيدية" أيضاً، يقول: "إن إطالة الكلام إساءة أدب، اللهم اغفر، فإنما كتب بأمر الشيخ، أنا كذاب، أنا لا شيء، لا ظل إلا ظلك، ولا وجود إلا وجودك، من أنا؟ لا شيء وما أنا هو أنت، وتفريق أنا وأنت هو شرح محض، أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله، ولا حول ولا قوة إلى بالله".
ويقول في كتابه (تبليغي نصاب):
"إن الحق سبحان منبع في الواقع لكل حسن وجمال، والحق أنه لا يوجد في الكون جمال سواه".
وقال بيتاً في أبي منصور الحلاج المصلوب - الداعي المعروف إلى عقيدة وحدة الوجود - ما معناه:
"إنما صلب أبو منصور لتركه التأدب (مع الله)، فقوله "أنا الحق" كان حقاً، إلا أن فيه لفظ يؤدي على إساءة أدب".
هذا، وقد قال "صوفي إقبال" - وهو من أخص أصحاب الشيخ محمد زكريا - بيتاً يمدح به الشيخ محمد زكريا ويذكر منّه على طائفته، ما معناه:
"من الذي أوقفنا على سر الوحدة (وحدة الوجود) حيث بين لنا أن العشق والمعشوق والعاشق كلها شيء واحد".
وقال الشيخ رشيد أحمد الكنكوهي:
"إن نسبة الشيخ (قاسم النانوتوي مؤسس دار العلوم بديوبند) كانت مورداً لتجلي الذات المحضة، يعني ذات الله سبحانه وتعالى".
ويقول الشيخ أشرف على التانوي وهو يشرح قصة لطرد الجن أيام الشاه عبدالعزيز، والذي طرده هو الشيخ الشاه عبدالقادر، يقول التانوي:
"هناك درجة للكاملين، هي درجة "أبو الوقت"، من وصل إليها يصبح قادراً على أن يورد على نفسه التجلي في أي وقت شاء، كذا سمعت مرشدي؛ فلا غرو أن يكون حضرة الشاه قد أورد على نفسه تجلياً من الجبار، فطرد الجن بالتوجه، لكون التجلي مظهراً لهذه الصفة".
ومن أكابر الديوبندية الشيخ ضامن علي الجلال آبادي، وفيما يلي نقدم إلى القارئ قصة تتعلق به، وهي غريقة في عقيدة وحدة الوجود، وهي أيضاً تمثل معتقدات علماء ديوبند في المسألة، يقول الراوي:
"ذات يوم سأل الشيخ خليل أحمد السهارنفوري شيخه عن الحافظ لطافت علي، المعروف بالحافظ "ميندهو" شيخ بوري فقال: "كان كافراً بحتاً" - ثم تبسم وقال:
"وأما ضامن علي الجلال آبادي فكان غريقاً في التوحيد".
وقال مرة أخرى:
"إن عددا كبيراً من بغايا مدينة "سهارنفور" كُنّ من مريدي الشيخ ضامن علي، فنزل يوماً عند واحدة منهن فاجتمعن في بيتها كلهن غير واحدة منهن، فسأل الشيخ عن سبب غيابها، فقلن بأننا قد حاولنا إقناعها للحضور لزيارتكم الكريمة، ولكنها اعتذرت وقالت: أنا غريقة في المعاصي، مسودة الوجه، بأي وجه استقبل الشيخ، فألح الشيخ عليهن بإحضارها عنده، فلما جئن بها وحضرت بين يديه، سألها عن سبب غيابها، فقالت منعني الحياء أن أحضر في مجلسك الشريف وأنا عاصية مسودة الوجه، فقال الشيخ: لم تستحين؟ هل الفاعل والمفعول به إلا هو؟ فما أن سمعت البغي مقال الشيخ حتى اشتعلت غضباً وقالت: لا حول ولا قوة إلى بالله، أنا عاصية مسودة الوجه، ولكنني أتبرأ من مثل هذا الشيخ كل البراءة، وتولت مدبرة والشيخ جالس ناكس الرأس ندماً وحياء".
ويقول الشيخ شبير أحمد العثماني في تفسيره لقوله تعالى: اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ [النور:٣٥] ما معناه:
"كل مخلوق حصل له نور الوجود من الله، فالقمر والشمس والكواكب والملائكة والأنبياء والأولياء أي نور فيهم ظاهري أو باطني فهو مستفاد من هذا المنبع النوري.