للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم يقف علماء ديوبند عند هذا الحد، بل ذهبوا إلى أن الشهداء أيضاً أحياء حياة دنيوية في قبورهم، فقد حكى الشيخ أشرف على التانوي قصة ما ملخصها:

"إ‘ن رجلاً من أصحاب القبر زار قبر الحافظ، فلما انتهى من قراءة الفاتحة عليه، قال: إن في صاحب القبر مداعبة، فإني لما بدأت في قراءة الفاتحة عليه قال لي: لماذا جئت تقرأ الفاتحة على الأحياء، اذهب وأقرأها على ميت من الأموات، فسأل الناس عن صاحب هذا القبر فأخبروه أنه مات شهيداً في سبيل الله".

هذه نبذة مما يحكيه مشايخ الديوبندية وعلماؤها، ويعتقد به عامتهم اعتقاداً لا يترك لهم مجالاًُ حتى يسألوا مشايخهم كيف علم المقبور بمجيء أحد إلى قبره للزيارة وقراءة الفاتحة عليه، والقرآن يقول: أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْيَاء وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ [النحل:٢١].

ملحوظة مهمة:

ولا يخفى على القارئ أن مسألة حياة النبي صلى الله عليه وسلم من أهم المسائل التي اختلف عليها علماء أهل الحديث وعلماء الطائفة الديوبندية في شبه القارة الهندية قديماً وحديثاً، وهي التي أشار إليها الشيخ حسين أحمد المدني الملقب بشيخ الإسلام لدى طائفته، بقوله:

"يعتقد النجدي وأتباعه أن حياة الأنبياء عليهم السلام كانت فقط إلى العصر الذي عاشوه في الدنيا، وأما بعد مماتهم فهم وعامة المؤمنين سواء في الموت، وأنه ليس لهم حياة بعد الموت إلا الحياة البرزخية التي ثبتت لجميع أفراد الأمة، ويرى البعض منهم سلامة جسد النبي دون بقاء علاقته بالروح، كما نسمع منهم كلمات شنيعة في حياة النبي عليه السلام لا يجوز أن ننقل هذه الكلمات بلساننا، وكتبوا ذلك في كتبهم ورسائلهم، وأما أكابرنا فإن رسائلهم ومعتقداتهم تخالف كل ذلك، فقد ألف حضرة الشيخ النانوتوي كتاباً ضخماً في هذا الموضوع، والكتاب معروف لدى جميع الناس، أثبت فيه حياة النبي وذكر أدلة قوية لمذهب أهل الكنكوهي، قدس الله سره، أيضاً أيد ذلك وصرح به في كتابه (هداية الشيعة) و (رسالة الحج) وغيرها ومن أراد الإطلاع على هذه المسألة فليراجع (آب حيات) و (هدية الشيعة) و (أجوبة أربعين) و (اللطائف القاسمية) و (زبدة المناسك) وغيرها من الرسائل، وهذه مسألة خاصة خالفت الوهابية فيها علماء الحرمين، مما أدى الأمر عدة مرات إلى الجدل والنزاع".

المصدر:الديوبندية لأبي أسامة سيد طالب الرحمن- ص ١٩٩ - ٢٠٥

رابعا: اعتقاد أن زيارة قبره من أعظم القربات

علماء ديوبند يرون زيارة قبر الرسول صلى الله عليه وسلم من أعظم القربات وقريبة من الواجب.

يقول الشيخ خليل أحمد السهارنفوري في كتابه إجابةً على أسئلة وجهت إليه، وإليك نص السؤال والجواب: " (١) ما قولكم في شد الرحال إلى زيارة سيد الكائنات عليه أفضل الصلوات والتحيات وعلى آله وصحبه (٢) أي الأمرين أحب إليكم وأفضل لدى أكابركم للزائر هو ينوي وقت الارتحال للزيارة زيارته عليه السلام أو ينوي المسجد أيضاً وقد قال الوهابية إن المسافر إلى المدينة لا ينوي إلا المسجد النبوي؟ ".

<<  <  ج: ص:  >  >>