للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأجاب عليه الشيخ السهارنفوري بما يلي:"عندنا وعند مشايخنا زيارة قبر سيد المرسلين (روحي فداه) من أعظم القربات وأهم المثوبات، وأنجح لنيل الدرجات بل قريبة من الواجبات، وإن كان حصوله بشد الرحال وبذل المهج والأموال، وينوي وقت الارتحال زيارته عليه ألف الف تحية وسلام وينوي معها زيارة مسجده صلى الله عليه وسلم وغيره من البقاع والمشاهد الشريفة بل الأولى ما قاله العلامة الهمام ابن الهمام أن يجرد النية لزيارة قبره عليه الصلاة والسلام ثم يحصل له إذا قدم زيارة المسجد لأن في ذلك زيادة تعظيمه وإجلاله صلى الله عليه وسلم ويوافقه قوله صلى الله عليه وسلم: ((من جاءني زائراً لا تحمله حاجة إلا زيارتي كان حقاً عليَّ أن أكون شفيعاً له يوم القيامة)) (١) وكذا نقل عن العارف السامي الملا جامي أنه أفرد الزيارة عن الحج وهو أقرب لمذهب المحبين، وأما ما قالت الوهابية من أن المسافر إلى المدينة المنورة على ساكنها ألف ألف تحية لا ينوي إلا المسجد الشريف استدلالاً بقوله عليه الصلاة والسلام: ((لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد)) (٢) فمردود لأن الحديث لا يدل على المنع أصلاً بل لو تأمله ذو فهم ثاقب لعلم أنه بدلالة النص يدل على الجواز، فإن العلة التي استثنى بها المساجد الثلاثة من عموم المساجد والبقاع هو فضلها المختص بها، وهو مع الزيادة موجود في البقعة الشريفة، فإن البقعة الشريفة والرحبة المنيفة التي تضم أعضائه صلى الله عليه وسلم أفضل مطلقاً حتى من الكعبة ومن العرش والكرسي، كما صرح به فقهاؤنا رضي الله عنهم، لما استثنى المساجد لذلك الفضل الخاص فأولى ثم أولى أن يستثنى البقعة المباركة لذلك الفضل العام، وقد صرح بالمسألة كما ذكرناه بل بالبسط منها شيخنا العلامة شمس العاملين مولانا رشيد أحمد الكنكوهي قدس الله سره العزيز في رسالته "زبدة المناسك" في فضل زيارة المدينة المنورة وقد طبعت مراراً وأيضاً في هذا المبحث الشريف رسالة لشيخ مشائخنا مولانا المفتي صدر الدين الدهلوي قدس الله سره العزيز، أقام الطامة الكبرى على الوهابية ومن وافقهم وأتى ببراهين قاطعة وحجج ساطعة سماها (أحسن المقال في شرح حديث لا تشد الرحال)، طبعت واشتهرت، فليرجع إليها والله تعالى أعلم".


(١) رواه الطبراني (١٣١٤٩) وفي ((الأوسط)) (٤٥٤٦) قال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (٤/ ٥): فيه مسلمة بن سالم وهو ضعيف. وقال ابن عبد الهادي في ((الصارم المنكي)) (٩٣): ضعيف الإسناد، منكر المتن. وقال الألباني في ((السلسلة الضعيفة)) (٥٧٣٢): ضعيف جدا.
(٢) (([١٤٥٩٨] رواه البخاري (١١٨٩) ومسلم (١٣٩٧) من حديث أبي هريرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>