للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقول الشيخ أنور شاه الكشميري في شرحه لصحيح البخاري حول حديث ((لا تشد الرحال)) ما نصه."قوله: ((لا تشد الرحال .. )) الخ وقد افتتن الحافظ ابن تيمية رحمه الله تعالى لأجل هذا الحديث في الشام مرتين فحبس مرة مع تلميذه ابن القيم رحمه الله تعالى وأخرى وحده حتى توفي فيه، وكان من مذهبه أن السفر إلى المدينة لا يجوز بنية زيارة قبره صلى الله عليه وسلم لأجل هذا الحديث، نعم يستحب له بنية زيارة المسجد النبوي وهي من أعظم القربات، ثم إذا بلغ المدينة يستحب له زيارة قبره صلى الله عليه وسلم أيضاً لأنه يصير حينئذ من حوالي البلدة وزيارة قبورها مستحبة عنده، وناظره في تلك المسألة سراج الدين الهندي الحنفي وكان حسن التقرير فلما شرع في المناظرة جعل الحافظ ابن تيمية رحمه الله تعالى يقطع كلام الهندي فقال له: ما أنت يا ابن تيمية إلا كالعصفور إلخ، وقال الشيخ ابن الهمام رحمه الله تعالى: إن زيارة قبره صلى الله عليه وسلم مستحبة وقريب من الواجب، ولعله قال قريباً من الواجب نظراً إلى هذا النوع، وهو الحق عندي فإن آلاف الألوف من السلف كانوا يشدون رحالهم لزيارة النبي ويزعمونها من أعظم القربات، وتجريد نياتهم أنها كانت للمسجد دون الروضة المباركة باطل، بل كانوا ينوون زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم قطعاً، وأحسن الأجوبة عندي أن الحديث لم يرد مسألة القبور، لما في المسند لأحمد رحمه الله تعالى ((لا تشد الرحال إلى مسجد ليصلى فيه إلا إلى ثلاثة مساجد)) (١)، فدل على أن نهي شد الرحال يقتصر على المساجد فقط ولا تعلق له بمسألة زيارة القبور، فجره إلى المقابر مع كونه في المساجد ليس بسديد، قال الشافعي (كذا) رحمه الله تعالى: بلغني أن الحافظ ابن تيمية رحمه الله تعالى كان ينهى عن شد الرحال لها أما لو ذهب بدون الشد جاز، قلت: مذهبه النهي عن السفر مطلقا سواء كان بشد الرحال أو بدونه".


(١) لم أجده بهذا اللفظ وإنما رواه أحمد (٦/ ٣٩٧) (٢٧٢٧٣) بسنده عن أبي بصرة الغفاري قال: لقيت أبا هريرة وهو يسير إلى مسجد الطور ليصلي فيه قال فقلت له لو أدركتك قبل أن ترتحل ما ارتحلت قال فقال ولم قال فقلت إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجدي قال الألباني في ((الإرواء)) (٤/ ١٤٢): إسناده حسن. وقال الأرنؤوط: صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>