إن العلم بالآجال من الأشياء التي استأثر الله بعلمها، قال تعالى: وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ [لقمان:٣٤].
ولكن الديوبندية تزعم أنه ليس من خصائص الله سبحانه وتعالى بل يمكن الاطلاع عليه من خلال الكشف والمراقبة، كما أن مؤلفي هذه الطائفة يحكون قصصاً وروايات تدل على ما ذكرناه، وهذه القصص كثيرة وكثيرة، نكتفي على ذكر بعض منها دون أي تعليق عليها.
ذكر مؤلف "أرواح ثلاثة":
"إنه خرج الشيخ مظفر حسين حاجاً إلى مكة في ٢٣ جمادى الثانية عام ١٢٨٢هـ، وأصيب بمرض الإسهال قبل وصوله إلى مكة، وذات مرة قال للشيخ إمداد الله وهو في مكة: أتمنى أن أموت بالمدينة المنورة ولكنه يبدو أن أجلي قد قرُب، فلو راقبت، فراقب الشيخ، ثم رفع رأسه وقال: لا، وسوف تصل إلى المدينة، وبعد أيام برئ مظفر حسين من مرضه، وتوجه إلى المدينة في اليوم التالي، ولما كان على مسافة يوم من المدينة عاد مرضه، فمات بالمدينة في ١٠ محرم عام ١٢٨٣هـ ودفن بالبقيع قريباً من قبر عثمان رضي الله عنه".
وذكر الشيخ رياض أحمد - رئيس جمعية علماء ميوات- لقاءه الأخير مع الشيخ حسين أحمد المدني، قال:
"قلت للشيخ: يا سيدي! سوف أحضر إليكم في نهاية هذه السنة، إن شاء الله. فقال الشيخ المدني: لن نجتمع في هذه الدنيا مرة أخرى، بل نلتقي يوم القيامة، إن شاء الله، فذرفت عيون الحاضرين في المجلس".
هذا، وقد اعترض أحد البريلوية على هذه القصة المذكورة فأجابه مؤلف "انكشاف" قائلاً:
"لو سلمنا أن الشيخ المدني علم بموعد وفاته قبل أوانه فأي غرابة في ذلك؟ فإن مثل هذا لا يستبعد من ذكاء وفراسة الصالحين".
وقال مؤلف "تذكرة الرشيد" ما ملخّصه:
"مرض النواب "تشاري" مرضاً شديداً، يئس الناس من حياته، فأرسلوا رجلاً إلى الشيخ رشيد أحمد الكنكوهي يطلب منه الدعاء للمريض المذكور، فقال الشيخ لمن معه في المجلس: ادعوا لفلان، فحزن الناس بذلك، حيث أن الشيخ ما وعد له بالدعاء، فطلبوا منه الدعاء له مرة أخرى، فقال: إن الأمر قد قدٍّر، وأنه لم يبق إلا أيام قليلة من حياته، فلما سمعوا منه ذلك لم يكن لهم مجال للكلام فيه، ويئسوا من حياة النواب، ولكن الرسول طلب منه وقال: ادع الله له أن يفيق ويصحو من غمته، حتى يوصى ويقول ما شاء في أمور الدولة، فقال الشيخ: لا حرج في ذلك، فدعا له وقال: سيفيق من مرضه، إن شاء الله؛ فكان الأمر كما أخبر به الشيخ، وأفاق النواب من مرضه إفاقه طارت الأصوات بخبر صحته وشفاءه إلى الأماكن البعيدة، ... وفجاءة اشتد به المرض وانتقل إلى عالم الآخرة".
وهذا غيض من فيض وقليل من كثير، ومن أراد المزيد فعليه أن يرجع إلى مؤلفات أكابر هذه الطائفة، يجد فيها الكثير والكثير من مثل هذه القصص والحكايات.
المصدر: الديوبندية لأبي أسامة سيد طالب الرحمن- ص ١٤٧ - ١٤٩
اعتقاد معرفتهم بزمن نزول المطر وقدرتهم على حبسه
ذكرت مجلة "نقيب" قصة من مذكرات السيدة "ثامنة خاتون" تقول:
"لما أردنا بناء المنزل بدأنا بالمرحاض نظراً لأمر الوالد الكريم بذلك، وكانت الأيام أيام مطر، إلا أنه ما كان ينزل المطر في تلك الأيام، وكان الفلاحون في قلق شديد، فقلت للوالد: ادع الله أن يسقي الناس، فقال: كيف ينزل المطر ومرحاضنا لم يكتمل بناءه بعد؛ قلت: ومتى سيكتمل بناءه؟ قال: قد اكتملت الجدران ولم يبق إلى السقف، وسوف يتم الليلة.
تقول السيدة المذكورة:
وبعد يومين نزل مطر غزير، فسألت الوالد وكان في البيت: ألا يضر المطر مرحاضنا؟ قال: لا، بل يشيده، فقلت: هل كان المطر حبس من أجل مرحاضنا؟ فلم يرد على أن تبسم ولم يقل شيئاً".