فليس بصريح أنه يسمع سلام المسلم بل يحتمل أنه يرد عليه إذا بلغته الملائكة ذلك لو فرضنا سماعه سلام المسلم لم يلزم منه أن يلحق به غيره من الدعاء والنداء.
هذا، ويقول الشيخ حمود التويجري ردًّا على كلام حسين أحمد السابق:
"قلت: يلزم على قول حسين أحمد: "إن الأنبياء أحياء حياة حقيقية غير برزخية" لوازم باطلة:
منها: أن يكون الأنبياء يمشون على الأرض مثل غيرهم من الأحياء، ويأكلون ويشربون، ويحتاجون إلى قضاء الحاجة مثل غيرهم من الأحياء، وأن يكونوا ظاهرين بين الناس يراهم الناس ويجالسونهم ويتعلمون منهم، وكل من هذه الأمور باطل معلوم البطلان بالضرورة عند كل عاقل، والقول بها أو بشيء منها هوس وهذيان لا يصدر من أحد له أدنى شيء من العقل.
ومن اللوازم الباطلة التي تلزم على قول حسين أحمد أيضاً: أن يكون قبر النبي صلى الله عليه وسلم خالياً من جسده الشريف، وكذلك قبور سائر الأنبياء، وهذا معلوم البطلان بالضرورة عند كل عاقل، ولا يقول به إلا من هو مصاب في عقله.
ومن اللوازم الباطلة أيضاً ما يترتب على هذا القول الباطل من تكذيب النصوص الدالة على موت النبي صلى الله عليه وسلم وموت سائر البشر، كقوله تعالى في سورة الزمر: إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ [الزمر:٣٠].
وقوله تعالى وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ [آل عمران:١٤٤]
وقوله تعالى في سورة الأنبياء: وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ الأنبياء:٣٤ - ٣٥ [.]
وقوله تعالى في سورة العنكبوت: كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ [العنكبوت:٥٧]
وقوله تعالى في سورة آل عمران: كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ [آل عمران:١٨٥]
وقوله تعالى في سورة الرحمن:: كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ الرحمن:٢٦ - ٢٧ [] فإذا كان حسين أحمد وغيره من مشايخ جماعة التبليغ المخرفين يرون أن الأنبياء أحياء حياة حقيقية، وأن لجماعتهم وأكابرهم حظ وصول في مجالس النبي صلى الله عليه وسلم يقظة لا مناماً، ويرون بطلان ما يعتقده شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب وأتباعه من أن حياة الأنبياء كانت في المدّةِ التي قضوها في الدنيا، بعد ذلك هم وأتباعهم سواء في الموت؛ فماذا يجيبون به عن هذه النصوص الدالة على أن الموت عام للأنبياء وغيرهم من سائر البشر؟! وماذا يجيبون به عن الأحاديث الكثيرة التي جاءت في موت النبي صلى الله عليه وسلم ودفنه؟! وما ثبت عنه أنه قال: ((أنا أول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة)) (١)؟!.
وإذا لم يكن لهم جواب صحيح عن الآيات التي تقدم ذكرها، وعن الأحاديث الدالة على موت النبي صلى الله عليه وسلم ومكثه في قبره إلى يوم القيامة؛ فالواجب عليهم الرجوع إلى الحق الذي يدل عليه الكتاب والسنة وما كان عليه السلف الصالح من الصحابة والتابعين لهم بإحسان، وهو اعتقاد موت الأنبياء وغيرهم من سائر البشر، واعتقاد أن الأنبياء وغيرهم من الأموات لا يزالون في قبورهم إلى يوم القيامة، وأن أول من ينشق عنه القبر رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فهذا هو الاعتقاد الصحيح، وما خالفه، فهو من العقائد الفاسدة التي زينها الشيطان لأوليائه من الصوفية والتبليغيين.
المصدر: الديوبندية لأبي أسامة سيد طالب الرحمن - ص ٢٠٦ - ٢١٢
(١) رواه الترمذي (٣١٤٨) وابن ماجه (٤٣٠٨) وأحمد٣/ ٢ (١١٠٠٠) من حديث أبي سعيد. قال الترمذي: حسن صحيح. وقال المنذري في ((الترغيب والترهيب)) (٤/ ٣٢٦): في إسناده علي بن يزيد بن جدعان. وقال الألباني في ((صحيح الترمذي)) (٣٦١٥): صحيح. ورواه البخاري (٢٤١٢) بلفظ: (فأكون أول من تنشق عنه الأرض).