للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي تأويل قوله تعالى وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوْاْ الْبُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُواْ الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُواْ اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [١٨٩: البقرة]، نجد أن المؤيد الشيرازي أحد دعاة الباطنية يتهكم بتفسير أهل السنة لهذه الآية ويؤولها تأويلا باطنيا حسب منهجهم في تأويل النصوص يقول فيا لها من غشاوة تمتد على بصر من لا يتدبر فحوى هذه الآية حق التدبر ولا يتفكر في معناها واجب التفكر من الذي جهل فيما مضى من الأزمنة وغابرها وغائب الأوقات وحاضرها أن الأبواب على البيوت من أجل الدخول فيها منصوبة وإليه على علاته منسوبة فما وجه تأديب الله سبحانه لخلقه بشيء يتساوى في علمه العالم والجاهل والغني والفقير من البصيرة ولولا أنه سبحانه غني بالبيت غير المبني من الطين والحجارة وكنى عن سواه بهذه الكناية والإشارة ولم لا يكون هذا البيت بيت الله الحي الناطق الذي أغاث به سبحانه الخلائق وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم في عصره باديا وكل إمام في زمانه ثانيا بيوت الله المعمورة بالحكم ومعالم الدين التي هي منجاة الأمم. ولم لا يكون باب البيت أمير المؤمنين الذي هو باب النجاة وسبب دائم للحياة فعند ذلك يخلص من الآية المذكورة الزبدة وتسقط عنها في النقص إذا حملت على جهة ظاهرها العهدة ويكون كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم عليها دليلا وبما تكلفت به كفيلا: ((أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد العلم فليأت الباب)) (١) (٢).


(١) حديث (أنا مدينة العلم وعلي بابها .. ) رواه الحاكم (٤٦٣٧) والطبراني (١١٠٨٣) والعقيقلي في ((الضعفاء)) (٥/ ٤٥٧) قال الهيثمي في ((المجمع)) (٩/ ١١٤) فيه عبد السلام بن صالح الهروي وهو ضعيف، وقال الحاكم إسناده صحيح، وقال الذهبي بل موضوع، وقال العقيلي لا يصح في هذا المتن حديث، وقال القرطبي في ((التفسير)) (٩/ ٣٣٦) باطل، وقال الدارقطني في ((العلل)) مضطرب غير ثابت، وقال الترمذي: منكر، وكذا البخاري، وقال: إنه ليس له وجه صحيح، وقال ابن معين فيما حكاه الخطيب في ((تاريخ بغداد)) إنه كذب لا أصل له، وأورده ابن الجوزي في ((الموضوعات)) وأشار إلى هذا ابن دقيق العيد، بقوله: هذا الحديث لم يثبتوه، وقيل: إنه باطل، وقال ابن تيمية موضوع، وكذلك أورده ضمن ((الموضوعات)) كل من الشوكاني وابن عراق والألباني.
(٢) ((كتاب المجالس المؤدية)) للشيرازي (ص: ٢٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>