للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما عذاب جهنم؟ وكيف يصح تبديل جلد مذنب بجلد لم يذنب حتى يُعذّب؟ وما سبعة أبواب النار وما ثمانية أبواب الجنة؟ ولم جُعلت السموات سبعاً والأرضون سبعاً والمثاني من القرآن سبع آيات؟ ولماذا خلق الله العالم في ستة أيام؟ وهل عجز عن خلقه في ساعة واحدة؟ وما معنى قول الفلاسفة: الإنسان عالم صغير، والعالم (الطبيعة) إنسان كبير؟ وما معنى الحروف المقطعة في أوائل بعض سور القرآن مثل: الم، المص، كهيعص .. إلخ. وينتهي الداعي بعد هذه السلسلة الطويلة من الأسئلة الغامضة إلى القول بأن الله الذي خلق الإنسان حكيم غير مجازف، وأنه فعل جميع ذلك لحكمة، وله فيها أسرار خفية، حتى جمع ما جمع، وفرق ما فرق، فكيف يسع المرء الإعراض عن هذه الأمور؟! ألا يدل ذلك على أن الله أراد أن يرشدهم إلى بواطن الأمور الخفية وأسرار فيها مكتومة .. لو تنبهتم لها وعرفتموها لزالت عنكم كل حيرة، ودحضت كل شبهة، وظهرت لكم المعارف السنية ... فإذا علم الداعي أن نفس المستجيب قد تعلقت بما سأله عنه وطلب منه الجواب عنه أمهله مدة ليستيقن أن المحاولة قد أثرت في نفسه، ثم يأخذ عليه العهد بألا يفشي لهم سراً ولا يظاهر عليهم أحداً ولا يطلب لهم غيلة ولا يكتمهم نصحاً ولا يوالي لهم عدواً (١).

ثم يطالبه بعد ذلك بمبلغ من المال كرسم لقبول عضويته في الدعوة، فإذا امتنع المدعو عن القيام بذلك وقف به الداعي عند هذا الحد، وإذا أجاب انتقل به إلى المرحلة الثانية.

المرحلة الثانية:

يتعلم المستجيب فيها أن فرائض الإسلام لا تؤدي إلى مرضاة الله إلا إذا كانت عن طريق أئمة نصبهم للناس وأقامهم لحفظ شريعته.

المرحلة الثالثة:

وفيها يتقرر عند المستجيب أن الأئمة سبعة، قد رتبهم الله كما رتب السموات والأرضين، والكواكب وغيرها من جلائل الموجودات وجعلها سبعاً، ويلقن المستجيب بعد ذلك معنى العدد سبعة في عالم المادة والمعنى، فإذا تقرر عند المستجيب أن الأئمة سبعة انحل عن معتقد الإمامية الإثنا عشرية، واعتقد أن أئمتهم الستة بعد جعفر الصادق، قد فقدوا العلوم الروحية في حين أن محمد بن إسماعيل عنده علم المستورات وبواطن المعلومات وعلم التأويل وتفسير علم الظاهر، وأن دعاته هم الوارثون لعلمه دون سائر طوائف الشيعة.

المرحلة الرابعة:

وهي بدء التحول إلى المراتب العليا، وفيها يلقن الداعي المستجيب أن الأنبياء المعتبرين، الناسخين للشرائع، الناطقين بالأمور، كالأئمة سبعة فقط، وكل منهم لابد له من صاحب يأخذ عنه دعوته ويحفظها على أمته، ويكون له ظهيراً في حياته ثم يخلفه بعد وفاته، ويتخذ له كنبيّه ظهيراً يخلفه، ويسير كل مستخلف على هذا المنوال، إلى أن يأتي منهم على تلك الشريعة سبعة، ويقال لهؤلاء السبعة الصامتون، لأنهم ثبتوا على شريعة واحدة واقتفوا أثراً واحداً ويقال لأولهم (السوس)، فإذا انقضى هؤلاء السبعة، فلابد من أن يبدأ دور ثان من الأئمة، يفتتحه نبي ناطق ينسخ شريعة من مضى، ويخلفه على النحو المتقدم سبعة من الصُمت، وهكذا حتى النبي السابع من "النطقاء فينسخ جميع الشرائع المتقدمة، ثم يقرر الداعي عند المستجيب أن السابع من النطقاء (الأنبياء) هو صاحب الزمان وهو محمد بن إسماعيل. يقول النويري: "فهذه درجة قررها الداعي عند المدعو بنبوة نبي بعد محمد صلى الله عليه وسلم وسهل بها طريق النقل عن شريعته .. فدخل المدعو بذلك في جملة الكفار المرتدين" (٢).


(١) نجد صورة كاملة للعهد الذي يأخذ الداعي على المستجيب في كل من ((نهاية الأرب)) للنويري (٢٣/ ٥٨)، و ((كنز الغرر)) و ((جامع الدرر)) (٦/ ٦٧)، و ((الخطط)) للمقريزي (٢/ ٢٣٥)، و ((فضائح الباطنية)) للغزالي (١٨ - ١٩).
(٢) ((نهاية الأرب)) (٢٣/ ٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>