للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبظهور محمد بن إسماعيل الناطق الأخير والقائم أي صاحب الأمر تنتهي علوم الأولين وتبدأ العقيدة الباطنية وعلم التأويل.

المرحلة الخامسة: يُلقن فيها المستجيب المزيد من التعليمات فيما يتعلق بعلم الأعداد والتأويل على نحو يجعله يرفض الكثير من الأحاديث النبوية، فيفقد الكلام نهائياً بمنطوق كلام الله، إلى أن يصل في النهاية إلى رفض كافة تعاليم الإسلام (١).

كذلك يلقن الداعي المدعو أنه لابد مع كل إمام قائم حجج متفرقون في الأرض، وعددهم اثنا عشر رجلاً في كل زمان.

ويستدل الداعي على ذلك بأمور منها أن الله لم يخلق شيئاً عبثاً، ولابد في خلق كل شيء من حكمة، وإلا فليتأمل خلق النجوم التي بها قوام العالم سبعة، وجعل السموات سبعاً، والأرضين مثلهن، ونقباء بني إسرائيل اثني عشر، ونقباء رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأنصار اثني عشر نقيباً .. إلى آخر الحجج التي تمتلئ بها كتب الإسماعيلية.

المرحلة السادسة:

يتعلم المستجيب في هذه المرحلة التأويل والمعنى المجازي لشرائع الإسلام من صلاة وزكاة وصوم .. إلخ، وأنها في الواقع ترجع على معان وحكم أخرى غير الظاهرة، وأنها وُضعت على سبيل الرمز لمصلحة العامة، فيضعف اعتقاد المستجيب في شرائع الدين وأركانه.

ثم ينتقل الداعي بالمستجيب إلى ميدان الفلسفة ونظريات الفلاسفة ويحضَّه على النظر في كلامهم،، والاقتداء بالأدلة العقلية والفلسفية والتعويل عليها، دون غيرها من الأخبار والأشياء المنقولة.

وفي هذه المرحلة تبدأ المهمة الحقيقية للدعاة، وهي العمل على هدم العقيدة الدينية.

المرحلة السابعة:

لم يصل إلى هذه المرتبة إلا كبار الدعاة، وفيها يُلقن المستجيب أن صاحب الشريعة لا يستغني بنفسه، ولابد له من صاحب معه يعبر عنه ليكون أحدهما الأصل والآخر يَصْدُر عنه، ويستدل الداعي على ذلك بأن مدير العالم في أصل الترتيب وقوام النظام صدر عنه أو موجود بغير واسطة ولا سبب نشأ عنه، وهذا ما يشير إليه قوله تعالى: إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ [يس:٨٢]. إشارة إلى أن الأول في الرتبة والآخر هو القدر الذي قال فيه تعالى بـ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ [القمر:٤٩].

ويستدل أيضاً بأقوال وقرائن أخرى من كلام الفلاسفة والمتصوفة وغيرهم.

المرحلة الثامنة:

وفيها تتبلور العقيدة التي لُقنت للمستجيب في المرحلة السابقة، وفيها يعرف أن مدبر الوجود، والصادر عنه، إنما هو تقدم السابق على اللاحق، وتقدم العلة على المعلول، فكانت الأعيان كلها ناشئة وكائنة عن الصادر الثاني.

والسابق لا اسم له ولا صفة، ولا ينبغي لأحد أن يعبر عنه، أو يحدده، فلا يقال موجود، ولا معدوم، ولا عالم، ولا جاهل ... وهكذا سائر الصفات، فإن الإثبات يقتضي شركة بينه وبين المحدثات، والنفي يقتضي التعطيل، وهو ليس بقديم ولا محدث، بل القديم أمره وكلمته، والمحدث خلقه وفطرته ...

كما أن الأنبياء الناطقين لا يأتون بمعجزات أو دلالات خارقة، إنما يأتون بأمور تُنظَّم بها السياسة ووجوه الحكم وتُرتب بها الفلسفة، تنبئ عن حقيقة ما يشتمل عليها العالم بأسره من الجواهر والأعراض، وأنها تكون إشارة ورموزاً يعقلها العالمون، وتارة تكون بإفصاح يعرفه كل الناس، ثم يشرح الداعي للمستجيب أمر القيامة وحصول الجزاء من الثواب والعقاب على أمور ليست مما يعتقده الموحدون في شيء.

المرحلة التاسعة:


(١) أي ليكون تعويله في حججه وبراهينه على كلام لا تربطه ألبته أي صلة بكلام الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>