وهي المرحلة الأخيرة في التعليمات المذهبية لدى الإسماعيلية، حيث لا وجود لعقائد قطعية أو فرائض لازمة، بمعنى آخر لا وجود لعلم اليقين.
وتمثل هذه المرحلة أعلى مرتبة من مراتب العلم والمعرفة، وفيها يدخل المستجيب إلى دائرة الأسرار النهائية، ويحال المستجيب حينئذ على طلب الأمور وتحقيقها وحدودها والاستدلال عليها من طرق الفلسفة وإدراكها من كتبهم، ويصبح حراً في اختيار طريقه.
يقول النويري:"فربما صار البالغ في النظر في هذا إلى اعتقاد مذهب ماني وابن ديصان، وربما إلى مذهب المجوس، وربما دان بما يُحكى عن أرسطو طاليس، وربما صار إلى أمور تُحكى عن أفلاطون، وربما اختار من تلك معاني مركبة من هذه الأمور كما يجري كثير من هؤلاء المتحيرين".
وفي هذه المرحلة أيضاً يوقف المستجيب على السر النهائي المتمثل في أن الوحي إنما هو صفاء النفس، فيجدُّ النبي في فهم ما يوحى إليه، وينظم به الشريعة حسبما يرى من المصلحة في سياسة الكافة، ولا يجب العمل بهذه الشريعة إلا بحسب الحاجة في رعاية مصالح الدهماء، وليس على العارف المستنير أن يعمل بها.
ومن الملاحظ في ذلك كله إنما هو تغيب للعقل البشري الذي جعله الله نعمة للإنسان وكرمه به فيميز بين المنطقيات والبديهيات والنفعيات والمضرات فيستنير ويختار طريقه فإذا به يتأثر بتلك المراحل بمرور الوقت ويطرح الأفكار المتراكمة على فترات متتالية وتكون النتيجة انتكاسة للعقل في الدركات السفلى فإذا به يستحسن القبيح ويستقبح الحسن.