للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وانطلاقاً من هذا التصور يقتنع الفدائي بأن وجوده في هذا العالم شيء غير طبيعي، وبالتالي فلابد أن يكون هذا السقوط الذي أصابه، والذي يتمثل في مغادرته عالم الخلود والانغماس في هذا العالم المملوء شرّاً، لابد أن يكون نتيجة لذنب أو خطيئة ولابد من تدارك الموقف والعمل من أجل الخلاص.

إن الفدائي وهو في هذه الحالة من الشعور، يتصوّر "البعث والنشور" على أنه رجوع إلى حال سابقة سامية، حالٌ من الحرية الفكرية، حال ينزع فيها روحه عن جسده، ليعود إلى الحال التي كان عليها قبل ميلاده، بل قبل تكونه في الصورة الجسمانية، إنها النشأة الأخرى أو الميلاد الجديد.

وبعد أن عرف الفدائي من أين أتى وعرف أن مصيره الحقيقي الذي سيحرره من سُحُب هذا العالم، هو الرجوع إلى من حيث أتى، ففي هذا الرجوع وحده يكمن خلاصه.

وبعد أن عرف الفدائي إلى أين يصير، لا يبقى إلا أن يسلك الطريق، وسلوك هذا الطريق لا يكون إلا تحت رعاية الإمام وتوجيهه، والخضوع له خضوعاً مطلقاً وفقاً لمبدأ "التعليم" الذي يقوم بدوره على "التسليم التام" لكل ما يصدر عن الإمام أو المعلم الصادق من أوامر، حتى أنه كما يقول نصير الدين الطوسي: "لو أراد له الحياة لما أحب ألموت، ولو أراد له ألموت لما أحب الحياة، ولو قال له إن النهار المشرق ليل بهيم، أو أن الليل البهيم نهار مشرق لما هجس في قلبه أي اعتراض على هذا القول، ولما حام حول كيف يكون الأمر كذلك ولماذا؟ فينعدم اختيار الإنسان الناقص الجاهل وإرادته باختيار الإنسان الكامل العاقل وإرادته".

ومن هنا فإن الإمام أو المعلم الصادق عندما يأمر الفدائي بأن يغتال إحدى الشخصيات المناوئة للدعوة، فإن الفدائي يسرع بتنفيذ الأوامر الصادرة إليه انطلاقاً من رغبته الجامحة في المساهمة في القضاء على الشرّ المسيطر على هذه الحياة الدنيا، وشوقاً في الصعود إلى عالم الفردوس والخلود الذي آمن من قبل أنه لن يمكنه بلوغه إلا بأن "يخلع عنه قميص جلده" فيتحرر من بدنه ومن كل ما يشده إلى هذا العالم".

المصدر:أسرار فرقة الحشاشين لمحمد هادي نزار- ص ٩٦

<<  <  ج: ص:  >  >>