للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد أيد المؤرخ الإنجليزي هدجسون وجود مثل تلك العلاقة، وأعتقد بأن هناك إشارات واضحة تدل على ذلك (١) وبعد قيام دولة المماليك في مصر وعقد الصلح بينهم وبين الأيوبيين في الشام لم يعد هناك أي شاغل يشغل الطرفين غير الجهاد ضد الصليبيين فاجتمعت جهودهم وقواهم وأخذ كل واحد منهم يعمل من عنده في حرب الصليبيين، وفي المقابل وأمام هذا الاتفاق بين مصر والشام، قام لويس التاسع قائد الصليبيين بتنظيم الدفاع عن الممتلكات والبلدان الصليبية فقام بتحصين المدن والموانئ الصليبية بتحصينات حربية ضخمة حتى تصمد في وجه الهجمات والغارات الإسلامية، ولكي يكمل لويس التاسع نظامه الدفاعي عن الممتلكات الصليبية في بلاد الشام سعى إلى عقد اتفاقيات وتحالفات واسعة النطاق مع أعداء المسلمين السنة في الشام، فحاول التحالف مع الباطنية الشيعة الحشاشين من ناحية ومع المغول من ناحية أخرى حتى يتحقق له بهذا التحالف نوع من التوازن بين الصليبيين من جهة والمماليك والأيوبيين من جهة ثانية. فعندما علم شيخ الجبل –زعيم الحشاشين في بلاد الشام- بوصول لويس التاسع إلى الشام أرسل إليه يطلب منه عقد نوع من الارتباط والتفاهم بين الطرفين، ويبدو أن الباطنية أرادوا من وراء ذلك أن يؤمنوا أنفسهم إزاء الموقف الجديد الناشئ عن قيام دولة المماليك في مصر ووقوفها إلى جانب الأيوبيين في الجهاد ضد الصليبيين عن طريق عقد تحالف مع الصليبيين بالشام، فأرسل شيخ الجبل زعيم الباطنية بعض الهدايا إلى لويس التاسع ملك فرنسا –من جملتها فيل من البللور- فرد عليه ملك فرنسا لويس التحية بأحسن منها، مما أدى إلى تقوية أواصر التحالف بين الطرفين (٢).وأثناء الغزو المغولي الذي استهدف الممالك الإسلامية والخلافة العباسية في بغداد، ورأى الإسماعيلية الباطنية أن مطامع المغول لا تقف عند حد، وأن فتوحاتهم مستمرة، خافوا خطرهم، وصمموا على مقاومتهم فأخذوا يرسلون رسلهم على إنجلترا وفرنسا سنة ٦٣٧هـ طالبين معونة الأوربيين الذين عرفوهم إبان الحروب الصليبية، لكنهم لم يلقوا مجيباً يشهد بذلك ما قاله أسقف مدينة ونشستر Winchester: " دع هؤلاء الكلاب يأكل بعضهم بعضاً حتى يقضى عليهم نهائياً، وعندئذ سوف نقيم على أنقاضهم الكنيسة الكاثوليكية العالمية، فتكون حقا راعياً واحداً وقطيعاً واحداً" (٣).

المصدر:أثر الحركات الباطنية في عرقلة الجهاد ليوسف إبراهيم الشيخ – ص ١٨٧


(١) دريد عبدالقادر: ((سياسة صلاح الدين)) (ص٣٧٦).
(٢) سعيد عاشور: ((الحركة الصليبية)) (٢/ ١٠٤٦).
(٣) المقريزي: ((السلوك لمعرفة دول الملوك)) (١/القسم ٢ص ٣٨٢) حاشية رقم (٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>