كان جنوبي العراق مهد الشيعة الأول وأنصار هذه الفرقة كثيرون في هذه المنطقة وتلك الجهة قريبة من فارس مركز المجوس والجهل يخيم على تلك البقعة فيكم استغلال السكان وبخاصة الوافدين منهم – وما أكثرهم – والسير بهم حيث يريد المستغلون وعندما انقطعت الإمامة لدى الشيعة الإثنى عشرية كان المجال واسعا لانتشار الإسماعيلية والتحاق أعداد ليست قليلة بها من الشيعة وانضمام أفراد من السكان إلهيا باستمرار نتيجة الدعايات والعمل السري الدائم والتنظيم الدقيق والدعوة باسم الرضا من آل البيت وإذا كانت الحركة قد انتقلت بمركزها إلى (الأهواز) ثم إلى السلمية إلا أن جنوبي العراق قد بقي القاعدة الرئيسة للدعوة وبقعة النفوذ الأساسية لها.
كان من الدعاة الإسماعيليين (مهرويه) أحد الذين يخفون عقيدتهم المجوسية وهو من أصل فارسي و (حسين الأهوازي) وهو من الفرس أيضا وربما كانت نسبته إلى (الأهواز) لإخفاء شخصية (حسين) الذي كان رسولا متنقلا لإمام الإسماعيلية وقد يكون على صلة وثيقة بصاحب الدعوة الأول وكثيرا ما كان أصحاب الدعوات الذين يريدون إخفاء شخصياتهم ينتسبون إلى هذه المنطقة لذا نلاحظ هذه النسبة كبيرة بين رجالات الإسماعيلية.
كان عبدالله بن ميمون القداح رأس الدعوة الإسماعيلية وكان يريد أن يعمي على نفسه فوزع دعاته في الأمصار وبخاصة أبناءه حتى لا تتجه الأنظار إلى مقر إقامته فأرسل ابنه (أحمد) ليقيم في (الطالقان) من بلاد خراسان وطلب من دعاته أن يراسلوه إلى هناك كما أعلن عن موت ابنه (حسين) وعرف باسم (حسين الأهوازي) وربما كان هو بالذات حسين بن عبدالله بن ميمون القداح كما يقال إن حسين الأهوازي هو رسول الإمام أحمد بن عبدالله بن محمد بن إسماعيل وهنا يبدو تشابه الأسماء بين أسرة أحمد بن عبدالله بن محمد إسماعيل وأسرة أحمد بن عبدالله بن ميمون القداح ومن هنا جاء الاختلاف وادعاء النسب القداحي إلى آل البيت كما أنه شاع الإعلان عن موت الأشخاص ثم ظهورهم في مكان آخر باسم ثان وبخاصة عند الإسماعيليين الذين يعتقدون في الأصل أعلن عن موت ابنه إسماعيل وما هو كذلك وإنما انتقل سرا إلى السلمية.
عرف (حسين الأهوازي) كداعية إسماعيلي في جنوب العراق بغض النظر عن نسبه وأصله وقد التقى مرة بـ (حمدان بن الأشعث) الذي عرف باسم (قرمط) وهو في طريقه إلى السلمية حسبما تدعيه الرواية القرمطية وقد استطاع (حسين) استمالة (حمدان) إلى دعوته وسار معه إلى قرته حيث بدأ العمل هناك بنشاط إذ أن حمدان كان صاحب علاقات اجتماعية كثيرة حيث كان ناقما على المجتمع وكثير الكلام على الأوضاع وكان المحيط الذي يعيش فيه حاقدا على الحكم العباسي فيستمع إلى من تعود على النقد فتوسعت الدعوة بحيث لم يعد أحد ينكر مركزها وترقى حمدان في سلمي الدعوى ووصل إلى مكان مرموق فيها وهناك من يقول إن أصل حمدان يعود إلى الفرس المجوس الذين يكثرون في ذلك الوسط ويخططون للعمل ضد الدولة ويعملون على تهديم الإسلام وهناك من يقول إن أصل حمدان يرجع إلى يهود نجران الذين كانوا يشبهون المجوس في الخطة والهدف وكثيرا ما عمل الفريقان في مخطط واحد.