للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعندما قاموا بحركاتهم وإنما اقتصروا على عملهم منفردين كدعوة خاصة لذا فهم أولى من غيرهم بالنسبة إلى حمدان قرمط كان أبو سعيد الجنابي قد عهد من بعده لابنه الأكبر سليمان الذي يكنى بأبي طاهر دخل أبو طاهر البصرة عام ٣١١هـ في ألفين وسبعمائه رجل فقتل القرمطي من أهلها خلقا كثيرا وبقي فيها ثمانية عشر يوما يحمل منها ما يقدر على حمله من الأموال والأمتعة والنساء والصبيان ثم رجع إلى بلده وقطع عام ٣١٢هـ على الحجاج طريق عودتهم فأخذ منهم أزوادهم وأمتعتهم وترك من بقي منهم بلا ماء ولا طعام فمات أكثرهم ثم دخل الكوفة عام ٣١٣هـ وبقي فيها ستة أيام نقل خلالها أكثر ما فيها ثم عاد ودخلها في العام التالي وفعل فيها ما فعله في عامه السابق كما استولى على مدينة الأنبار وعين التمر.

هجم القرمطي أبو طاهر عام ٣١٧هـ على الحجاج يوم التروية ٨ ذي الحجة في منى ونهب أموال الحجيج وقتل الحجاج حتى في المسجد الحرام وفي البيت نفسه ورمى القتلى في بئر زمزم حتى امتلأت بالجثث وخلع باب الكعبة ووقف يلعب بسيفه على بابها وخلع الحجر الأسود وأخذه معه إلى بلده هجر.

واختلف بعض القرامطة مع بعض عام ٣٢٦هـ إلا أن أبا طاهر قد استطاع الحفاظ على وضعه وتخلص من خصومه وهذا ما جعلهم يتمسكون في منطقتهم ويحافظون عليها ويمكثون فيها مدة ويتركون الفساد في الأرض وقطع الحجاج والقوافل.

وفي عام ٣٣٢هـ مات أبو طاهر سليمان بن أبي سعيد الجنابي زعيم القرامطة فخلفه إخوته الثلاثة سعيد أبو القاسم وأحمد أبو العباس ويوسف أبو يعقوب وكانت كلمتهم متفقة وفي عام ٣٣٩هـ رد القرامطة الحجر الأسود إلى مكانه بعد أن بقي اثنين وعشرين عاما.

امتد نفوذ قرامطة البحرين إلى نجد وكانت الدولة الأخيضرية هناك تحت إشرافهم كما أخضعوا الحجاز لهم ووصلوا إلى بلاد الشام عام ٣٥٧هـ وكان أمرهم آنذاك إلى الحسن بن الحسن بن بهرام وقد دخل دمشق وولي عليها وشاح السلمي ثم عادوا إليها عام ٣٦٠هـ وسار القرمطي إلى الرملة ومنها اتجه نحو القاهرة إلا أن جوهر الصقلي قد ردهم عنها وأخذ منهم دمشق وكانوا من قبل يمالئون الفاطميين إنما الذين أمروهم برد الحجر الأسود إلى مكانه بعد أن ساءت سمعتهم كثيرا في العالم الإسلامي ولحق الفاطميين في المغرب شيء من سوء تصرفهم.

مات الحسن الأعصم عام ٣٦٦هـ وقام على أمر القرامطة من بعده ابن عمه جعفر بن الحسن بهرام وبدأ وضع القرامطة يضعف تدريجيا ولولا ضعف الدولة العباسية لا تنتهي أمرهم منذ منتصف القرن الرابع الهجري إلا أن التفكك الذي أصاب الدولة قد جعل أمرهم يطول ولكن أوضاعهم كانت مهلهلة والمناطق التي سيطروا عليها قد تجزأت وقام في النهاية بالبحرين أحد زعماء قبيلة بني عبد القيس المشهورة وهو عبدالله بن علي العيوني فاستعان الخليفة العباسي القائم بأمر الله وقد وجد تجاوبا كبيرا في نفسه لما يعلمه من أعمال القرامطة وتاريخهم الحافل بالفساد كما استعان بالسلطان السلجوقي (ملكشاه) الذي وجد عنده التجاوب نفسه بل كان هذا ضمن مخططه وجاءت القوات العباسية وساعدت عبدالله بن علي العيوني وقضت على القرامطة نهائيا وذلك عام ٤٦٧هـ وزالوا نهائيا.

المصدر:القرامطة لمحمود شاكر – ص:٦٦

<<  <  ج: ص:  >  >>