ولهم " ألقاب " معروفة عند المسلمين تارة يسمون " الملاحدة " وتارة يسمون " القرامطة " وتارة يسمون " الباطنية " وتارة يسمون " الإسماعيلية " وتارة يسمون " النصيرية " وتارة يسمون " الخرمية " وتارة يسمون " المحمرة " وهذه الأسماء منها ما يعمهم ومنها ما يخص بعض أصنافهم كما أن الإسلام والإيمان يعم المسلمين ولبعضهم اسم يخصه إما لنسب وإما لمذهب وإما لبلد وإما لغير ذلك. وشرح مقاصدهم يطول وهم كما قال العلماء فيهم: ظاهر مذهبهم الرفض وباطنه الكفر المحض. وحقيقة أمرهم أنهم لا يؤمنون بنبي من الأنبياء والمرسلين؛ لا بنوح ولا إبراهيم ولا موسى ولا عيسى ولا محمد صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ولا بشيء من كتب الله المنزلة؛ لا التوراة ولا الإنجيل ولا القرآن. ولا يقرون بأن للعالم خالقا خلقه؛ ولا بأن له دينا أمر به ولا أن له دارا يجزي الناس فيها على أعمالهم غير هذه الدار وهم تارة يبنون قولهم على مذاهب الفلاسفة الطبيعيين أو الإلهيين وتارة يبنونه على قول المجوس الذين يعبدون النور ويضمون إلى ذلك الرفض. ويحتجون لذلك من كلام النبوات: إما بقول مكذوب ينقلونه كما ينقلون عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((أول ما خلق الله العقل)) والحديث موضوع باتفاق أهل العلم بالحديث؛ ولفظه ((إن الله لما خلق العقل فقال له: أقبل فأقبل. فقال له: أدبر فأدبر)) (١) فيحرفون لفظه فيقولون ((أول ما خلق الله العقل)) ليوافقوا قول المتفلسفة أتباع أرسطو في أن أول الصادرات عن واجب الوجود هو العقل. وإما بلفظ ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم فيحرفونه عن مواضعه كما يصنع أصحاب " رسائل إخوان الصفا " ونحوهم فإنهم من أئمتهم. وقد دخل كثير من باطلهم على كثير من المسلمين وراج عليهم حتى صار ذلك في كتب طوائف من المنتسبين إلى العلم والدين؛ وإن كانوا لا يوافقونهم على أصل كفرهم؛ فإن هؤلاء لهم في إظهار دعوتهم الملعونة التي يسمونها " الدعوة الهادية " درجات متعددة ويسمون النهاية " البلاغ الأكبر والناموس الأعظم " ومضمون البلاغ الأكبر جحد الخالق تعالى؛ والاستهزاء به وبمن يقر به حتى قد يكتب أحدهم اسم الله في أسفل رجله وفيه أيضا جحد شرائعه ودينه وما جاء به الأنبياء ودعوى أنهم كانوا من جنسهم طالبين للرئاسة فمنهم من أحسن في طلبها ومنهم من أساء في طلبها حتى قتل ويجعلون محمدا وموسى من القسم الأول ويجعلون المسيح من القسم الثاني. وفيه من الاستهزاء بالصلاة والزكاة والصوم والحج ومن تحليل نكاح ذوات المحارم وسائر الفواحش: ما يطول وصفه. ولهم إشارات ومخاطبات يعرف بها بعضهم بعضا. وهم إذا كانوا في بلاد المسلمين التي يكثر فيها أهل الإيمان فقد يخفون على من لا يعرفهم وأما إذا كثروا فإنه يعرفهم عامة الناس فضلا عن خاصتهم.
(١) أورده باللفظ الأول الصغاني في موضوعاته (٢٧) وكذلك السخاوي في ((المقاصد الحسنة)) (١/ ١٩٩) وغيرهما، وأما لفظ بلفظ (لما خلق .. ) فرواه الطبراني (٨١٠٢) والبيهقي في ((الشعب)) (٦/ ٣٤٩) وقال الهيثمي في ((المجمع)) (٨/ ٢٨) فيه عمر بن أبي صالح قال الذهبي لايعرف وقال الألباني في ((المشكاة)) (٥٠٦٤) موضوع