للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ - ومنهم من لا يثبت لا مباينة ولا حلولا ولا اتحادا، كقول المعتزلة ومن وافقهم من الأشعرية وغيرهم.٤ - والقول الرابع إثبات مباينة (الخالق) للمخلوق بلا حلول، وهذا قول سلف الأمة وأئمتها ... " (١).

ويمكن أن يضاف إلى ذلك قولان آخران:

أحدهما: قول من يجمع بين قول الصوفية الحلولية، وقول المعتزلة بأنه لا داخل العالم ولا خارجه – كما سبق -.والثاني: قول من يتوقف في هذا الأمر، فلا يقول بإثبات علوه على العرش ولا نفيه، بل يقول إن الله تعالى واحد في ملكه وهو رب كل شيء ويسكت عما سوى ذلك. وقد رد شيخ الإسلام على هؤلاء (٢).

وأما الثاني – وهو في إطلاق الجهة والتحيز، والجسم – ففيه أقوال:١ - قول من يقول: "لا أقول إنه متحيز ولا غير متحيز، ولا في جهة ولا في غير جهة، بل أعلم أنه مباين للعالم وأنه يمتنع أن يكون لا مباينا ولا مداخلا" (٣)، وهذا قول كثير من أهل الكلام والحديث.

٢ - "قول من يقول: بل أقول: إنه ليس بمتحيز ولا في جهة، وأقول مع ذلك: إنه مباين للعالم. وهذا قول من يقول: إنه فوق العالم وليس بجسم ولا جوهر ولا متحيز، كما يقول ذلك من يقوله من الكلابية والأشعرية والكرامية ومن وافقهم من أتباع الأئمة الأربعة وأهل الحديث والصوفية. فإذا قيل لهؤلاء: إثبات مباين ليس بمتحيز مخالف لضرورة العقل قالوا: إثبات موجود لا محايث ولا مباين أظهر فسادا في ضرورة العقل من هذا ... " (٤).٣ - "قول من يلتزم أنه متحيز، أو في جهة، أو أنه جسم، ويقول: لا دلالة على نفي شيء من ذلك، وأدلة النفاة لذلك أدلة فاسدة، فإنهم متفقون على أن نفي ذلك ليس معلوما بالضرورة، وإنما يدعون النظر، ونفاة ذلك لم يتفقوا على دليل واحد، بل كل واحد منهم يطعن في دليل الآخر ... " (٥)، وهذا قول الكرامية وبعض أهل الحديث ومن وافقهم.٤ - "جواب أهل الاستفصال: وهم الذين يقولون: لفظ "التحيز" و"الجهة" و"الجوهر" ونحو ذلك، ألفاظ مجملة، ليس لها أصل في كتاب الله ولا في سنة رسول الله، ولا قالها أحد من سلف الأمة وأئمتها في حق الله تعالى، لا نفيا ولا إثباتا، وحينئذ فإطلاق القول بنفيها أو إثباتها ليس من مذهب أهل السنة والجماعة بلا ريب، ولا عليه دليل شرعي، بل الإطلاق من الطرفين مما ابتدعه أهل الكلام الخائضون في ذلك. فإذا تكلمنا معهم بالبحث العقلي استفصلناهم عما أرادوه بهذه الألفاظ ... " (٦) فإن كان حقا قبل – ولا يمنع من قبوله تسميته بهذه المصطلحات الحادثة – وإن كان باطلا رد.

ومن خلال ما سبق من عرض الخلاف حول المسألتين يتبين مذهب الأشاعرة، القدماء منهم والمتأخرين، كما يتبين مذهب السلف رحمهم الله تعالى.


(١) ((درء التعارض)) (١٠/ ٢٨٧).
(٢) انظر: ((القاعدة المراكشية)) (ص: ٢٣ - ٢٤ وما بعدها)، ط دار طيبة.
(٣) ((مجموع الفتاوى)) (٥/ ٣٠٢).
(٤) ((مجموع الفتاوى)) (٥/ ٣٠٣)، وانظر بقية الإجابة والمناقشة إلى (ص: ٣٠٤)، وانظر أيضا: (ص: ٢٧٢) من هذا الجزء.
(٥) ((مجموع الفتاوى)) (٥/ ٣٠٤).
(٦) ((مجموع الفتاوى)) (٣٠٥)، وانظر: ((نقض التأسيس)) – مطبوع (٢/ ١٣ - ١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>