للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما بئر الحفرة، فهو دليل على الأساس، وهو أشد عذابًا من بئر الزئبق، وأتعب خرجا، لأن من اعتقد الظاهر، وهي الشريعة، إذا بلغ الباطن اعتقد أنه ليس فوق الأساس شيء، وأنه الغاية والمعبود، فيبقى في العذاب الأبدي، إلى أن يريد المولى منجاته، فيحتاج الداعي أن يتعب معه من قبل أن يكسره ويجبره ويخرجه مما هو عليه من الكفر والشرك. وأما لعب الركابية بالعصي والمقارع (١)، قدام مولانا جل ذكره فهو دليل على مكاسرة أهل الشرك والعامة وتشويههم بين العالم، وإظهار أديانهم المغاشم ويكشف زيفهم باستجرائهم على المخاطبة بحضرته.

أما الصراع، فهو دليل على مفاتحة الدعاة بعضهم لبعض، وقد كان للعالم في قتل سويد والحمام عبرة لمن اعتبر، ونجاة من الشرك لمن تدبر، لأنهما كانا رئيسين في الصراع، ولكل واحد منهما عشيرة وأتباع وهما دليلان على الناطق والأساس، وقتلهما دليل على تعطيل الشريعتين التنزيل والتأويل، والهوان بالطائفتين أهل الكفر والتلحيد.

وأما ما ذكره الركابية من ذكر الفروج والأحاليل، فهما دليلان على الناطق والأساس، وقوله: (أرني قمرك) يعني اكشف عن أساسك وهو موضع يخرج منه القذر، دليل على الشرك فإذا كشف عن أساسه وأخرج قبله، أي عبادة أساسه، نجا من العذاب والزيغ في اعتقاده، ومن شك هلك. كما أن الإِنسان إذا لم يبل ولا يتغوط أخذه القولنج فيهلك. والنار ها هنا علم الحقيقة وتأييده جل ذكره فيحرق ما أتت به الشريعتان، كما أنهم يحرقون فروج بعضهم بعضًا في النار، دليل على احتراق دولتهما وانقضاء مدتهما، وإظهار توحيد مولانا جل ذكره بغير شاك فيه، لا يشرك به لا ناطق جسماني، ولا أساس جرماني، ولا سابق روحاني، ولا تال نفساني، ولا يبقى لمنافق جولة، ولا لمشرك دولة، ويكون أولو الأمر منكم وأهل الحساب منكم والمتصوفون في جميع الدواوين منكم، والعمال منكم، ويكون الموحدون لمولانا جل ذكره في نعيم دائم وإحسان غانم، وملك قائم ... فعليكم معاشر الإخوان الموحدين لمولانا جل ذكره، العابدين له وحده دون غيره بالحفظ لإِخوانكم، والتسليم لمولانا جل ذكره، والرضا بقضائه في السراء والضراء، تنجوا من عذاب الدين وشقوة الدنيا، بمنة مولانا وقوته) (٢).

وهكذا نرى أن حمزة لم يأت بجديد في موضوع ألوهية الحاكم، وإن فاق الكثير دهاء ومكرا وعداوة للإِسلام، وتلاعبًا بالألفاظ وتآويل حلزونية.

وحمزة بعد هذا كله لم يأت بدليل على ألوهية الحاكم، إذ لينه وتواضعه وكرمه دليل على اللاهوت، وشجاعته وشدته دليل أيضًا، بل سدل شعره وارتداؤه الصوف واللعب بالإحليل والفرج دليل كذلك.

وهكذا فإن الإِنسان العاقل وهو يقرأ هذه السخافات لا يستطيع إلا أن يرثي لحال هؤلاء الذين – لا يزال حمزة – يلعب بعقولهم فيؤمنون بأقواله وسخافاته ... ويقف حائرًا أو حزينًا أمام هذه الأقوال (المقدسة عندهم) وإلى تبتر الخيط الرفيع بين الدرزي والإِسلام؟!.

المصدر:عقيدة الدروز عرض ونقد لمحمد أحمد الخطيب – ص ٣٩


(١) يقول الأستاذ زهير الشاويش عن هذا: (إنه من الأعمال التي ما زالت حتى اليوم في مصر ويسمى (الضرب بالشوم) ويشبه إلى حد ما، ما يسمى في الشام بلعب الحكم).
(٢) كتاب فيه حقائق ما يظهر قدام مولانا جل ذكره من الهزل.

<<  <  ج: ص:  >  >>