للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكن طائفة من الصفاتية من أصحاب الأشعري ومن وافقهم من أصحاب أحمد وغيرهم، يظنون أن العلو من الصفات الخبرية كالوجه واليدين ونحو ذلك، وأنهم إذا أثبتوا ذلك أثبتوه لمجيء السمع به فقط، ولهذا كان من هؤلاء من ينفي ذلك ويتأول نصوصه، أو يعرض عنها، كما يفعل ذلك في نصوص الوجه واليد. ومن سلك هذه الطريقة فإنه يبطل الأدلة التي يقال: إنها نافية لهذه الصفة، كما يبطل ما به ينفون صفة الاستواء والوجه واليد، ويبين أنه لا محذور في إثباتها، كما يقول مثل ذلك في الاستواء والوجه واليد، ونحو ذلك من الصفات الخبرية. وهؤلاء كلامهم أمتن من كلام نفاة الصفات الخبرية نقلا وعقلا ... " (١).ولاشك أن الراجح أن العلو معلوم بدليل العقل والفطرة، وقد قرر ذلك شيخ الإسلام بطرق منها: (٢)

١ - أن هذا أمر مستقر في فطر بني آدم، معلوم لهم بالضرورة.

٢ - أن قصدهم لربهم عند الحاجات التي لا يقضيها إلا هو، وذلك في دعاء العبادة ودعاء المسألة – إنما يكون إلى جهة العلو، فهو كما أنهم مضطرون إلى دعائه ومسألته هم مضطرون إلى أن يوجهوا قلوبهم إلى العلو إليه، لا يتوجهون إلى غيره من الجهات.

٣ - وهذا أيضا متفق عليه بين العقلاء السليمي الفطرة، وكل منهم يخبر عن فطرته من غير مواطأة من بعضهم البعض، ويمتنع في مثل هؤلاء أن يتفقوا على تعمد الكذب عادة.


(١) ((درء التعارض)) (٧/ ١٣١ - ١٣٢)، وانظر أيضا: ((درء التعارض)) (٦/ ٢٠٨ - ٢٠٩، ٩/ ١٦)، و ((مجموع الفتاوى)) (١٦/ ٤٠٧)، و ((جواب أهل العلم الإيمان – مجموع الفتاوى –)) (١٧/ ٥١ - ٥٢)، و ((نقض التأسيس)) – مخطوط – (١/ ٢٩، ٣/ ٢٧١).
(٢) انظر: ((قواعد مهمة وبراهين قوية لأهل الإثبات في نقض التأسيس)) – مطبوع – (١/ ٣١٧ - ٣٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>