للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو عندهم – وكما سمى نفسه في رسائله -، الإِمام، وقائم الزمان، وهادي المستجيبين المنتقم من المشركين، وعلة العلل، والعقل الكلي، والإِرادة، والقلم، والطور، والكتاب المسطور وهو أيضًا المسيح الحق ... إلى غير ذلك من الأسماء والألقاب التي أطلقها على نفسه. وحمزة يفتتح رسائله غالبًا بهذه الديباجة، وكما وردت في (رسالة البلاغ والنهاية): (تأليف عبد مولانا جل ذكره، هادي المستجيبين، المنتقم من المشركين سيف مولانا جل ذكره) (١).وكذلك نجده في (الرسالة الموسومة بسبب الأسباب) يصف نفسه بهذه الألقاب أيضًا بأنه: (الإِرادة فهو علة العلل، وهو العقل الكلي، وهو القلم، وهو القاف، وهوا القضاء، وهو الألف بالابتداء، وهو الألف بالانتهاء ... إلى أن يقول: وهو سبحانه منزه عن الكل (٢)، وجميع ما في القرآن والصحف، وما تركه على قلبي من البيان والأسماء الرفيعة فهو يقع على عبده الإِمام) (٣).وفي هذه الرسالة ينفي حمزة عن نفسه بأنه اخترع هذا الأمر من عند نفسه فيقول: (وها هنا باب ثان مذموم، أعاذك المولى سبحانه منه، وذلك قول من يقول من كافة الناس بأني اخترعت هذا الأمر من روحي، ووضعت العلم من ذاتي، وقوتي، ومولانا جلت قدرته لا يعلم بذلك ولا يرضاه ... وأنا أعيذك من ذلك وجميع الموحدين المخلصين) (٤).وكما أشرت سابقًا، فإن الدروز يجلون ويعظمون حمزة، فنجد المقتني بهاء الدين يخاطب حمزة في (رسالة المواجهة) بقوله: (وتطول عليهم بالمسامحة من الغلط والسهو في صحائف التوحيد، نظمها العبد بتأييد مولاه، وألفها، ورسائل إلى دعاة الحق ثناها على التنزيه وعظمها. فما كان يا مولاي في هذه الصحائف والمراسلات والكتب والملطفات التي سيرها العبد من خطاب جزل، ومنطق صائب، وقول فصل، فهو من منه إمام العصر، ومؤاد (٥) قائم الزمان، وما كان فيها من خطأ وخطل فهو منسوب إلى العبد الأصغر، الملهوف الظمآن، يتوسل في تقصيره إلى لطف مولاه) (٦).وفي كتاب النقط والدوائر – وهو من كتب الدروز الدينية ولا يعرف مؤلفه – يصف كاتبه حمزة بهذه الأوصاف: (فهو صلوات الله عليه النور الكلي، والجوهر الأزلي، والعنصر الأولي، والأصل الجلي، والجنس العلي، فيه بدأت الأنوار، ومنه برزت الجواهر، وعنه ظهرت العناصر، ومنه تفرعت الأصول، وبه تنوعت الأجناس ... إلى أن يقول: فهو الإِمام، والدليل على عبادة الله، والداعي إلى توحيد الله، والناطق بحق الله، والبرهان على الله، والرسول الذي أرسله الله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون) (٧).ولا يزال الدروز إلى الآن على هذا التعظيم لحمزة -، يقول كمال جنبلاط في مقدمته لكتاب (أضواء على مسلك التوحيد): (ويجب أن يبقى أبناء التوحيد محافظين على هذا التكريس والتهيؤ التقليدي والاجتباء الإِنساني لفكرة الولاية، لأنه في النهاية وفي الحقيقة، لا ولاية على الموحدين، ولا على الأنام كافة، إلا للعقل الأرفع، صلوات المهيمن عليه (٨).


(١) ((رسالة البلاغ والنهاية في التوحيد)).
(٢) يقصد الإله المعبود (الحاكم)، فالإله في نظره منزه عن كل الصفات المذكورة في القرآن الكريم – لأنها جميعها تقع على العقل وهو (حمزة).
(٣) ((الرسالة الموسومة بسبب الأسباب)).
(٤) ((الرسالة الموسومة بسبب الأسباب)).
(٥) هكذا وردت في المخطوط ولعل الصحيح (ومراد).
(٦) ((رسالة المواجهة)).
(٧) كتاب ((النقط والدوائر))، (ص: ٩ – ١٢).
(٨) د. سامي مكارم: ((أضواء على مسلك التوحيد))، (ص ٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>