للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي رسالة (السيرة المستقيمة) حديث عن النطقاء والأسس، وعن تأويل قصص الأنبياء، ويتساءل الدكتور محمد كامل حسين عن مصدر ما أتى به حمزة في هذه القصص ويقول: (هل هناك علاقة بين اسم شطنيل – الذي يأتي به حمزة – واسم شانطي الذي يطلقه الصينيون على القديسين المسيحين؟ ويقول: ربما سمع حمزة بهذه الكلمة من أحد الصينيين، أو أحد الذين سافروا، فاستغلها بعد أن حرفها إلى شطنيل ... وبعد أن يذكر – الدكتور محمود كامل حسين – بعض الأمثلة للأكاذيب التاريخية التي يطلقها حمزة، يضيف قائلاً: كل هذه مسائل كان حمزة هو الوحيد بين الكتاب في ذكرها على هذا النحو، ولاشك أنه أدرى بكل شيء لأنه علة العلل؟!) (١).وعن شطنيل هذا يقول حمزة في (رسالة السيرة المستقيمة) أنه (وجد في ابتداء دورنا الحالي ثلاثة رجال، كل واحد منهم اسمه آدم، كانوا يعيشون في وقت واحد في بلد واحد، وهم آدم الصفا، وآدم العاصي، وآدم الناسي، وجميعهم ولدوا من ذكر وأنثى، أما آدم الصفا، فهو آدم الصفا الكلي ذو معة – أي حمزة بن علي – وكان أحد حدود دعوة التوحيد في الدور الذي كان قبل دورنا هذا، وقد ولد آدم الصفا الكلي في بلدة آرمينية ببلاد الهند، وكان اسم شطنيل واسم أبيه دانيل) (٢).ولحمزة – كما سبق ذكره – أعظم ذكر وأجله بعد الحاكم حتى اليوم عند الدروز، باعتباره العقل الكلي والإِمام وقائم الزمان، يقول الدكتور سامي مكارم عن هذا الإِجلال ما يلي: (إن العقل الأرفع أو الكلي، حسب عقيدة التوحيد، هو مصدر انبثاق جميع الكائنات، وهو عين بقائها في هذا الوجود الظاهر، ومنه ابتدعت، فهي لا تنفصل عنه ولا ينفصل عنها من حيث العلة والمعلول، فالعقل الأرفع هو واسطة الكشف والمعرفة، أداة المشاهدة في كل نفس مؤمنة) (٣).

وفي رسالة (من دون قائم الزمان) يستدل على إمامة قائم الزمان بأنه: دعا إلى عبادة موجود ظاهر وإله في جميع الأمور قادر ويقول:

(وأول دليل على إمامة القائم أنه أتى بضد العالم، لأن جميع النطقاء والأسس وأصحاب الأدوار والأكوار أشاروا إلى عدم موهوم، وأبعدوه عن حواس العالم، وأن قائم الزمان والهادي إلى طاعة الرحمن عليه من المولى السلام دعا إلى موجود ظاهر وإله في جميع الأمور قادر، وكل من دعا إلى الحاكم المعبود الإِله الموجود فقد أنصف من نفسه. ووجه آخر أنه أظهر أغراضه في دفعة واحدة، وقد علم أهل الشرق والغرب أنه دعا إلى توحيد مولانا جل ذكره، ثم بعد ذلك خيروا العالم ومكنوا من أديانهم وإظهارها فصح أن ذلك لأهل التوحيد ... وأيضًا فإن عمارة الكنائس، وإزالة حمل الصلبان، وعزهم على المسلمين في كل مكان أدل دلالة على أن الإِسلام قد اضمحل وبطل وأنه الحق قد أنار واشتعل، والحق هو توحيد مولانا جل ذكره الحاكم بذاته المنفرد عن مبدعاته) (٤). (ومن أدلة إمامته – أيضًا -: أنه صاحب القيامة والجزاء، لأنه الملك المظفر المسعود، ديان القيامة أي القهار والقاضي والحاكم والسايس والمحاسب والمجازي) (٥).


(١) محمد كامل حسين: ((طائفة الدروز))، (ص ١١٦ – ١١٧).
(٢) محمد كامل حسين: ((طائفة الدروز))، (ص ١١٦).
(٣) د. سامي مكارم: ((أضواء على مسلك التوحيد))، (ص ١٢٣ – ١٢٤).
(٤) رسالة من دون قائم الزمان والهادي إلى طاعة الرحمن.
(٥) ((شرح الميثاق)): محمد حسين، مخطوط في جامعة شيكاغو (رقم ٣٧٣٧) – ويوجد شريط عنه في الجامعة الأردنية (رقم ٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>