للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتكذيبًا لما قالوا وزعموا بين تعالى حقيقة ذاته: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى: ١١]. (وذات الله – مع أنها فوق أن تُدرك وأن تُحد – قد وصفت في القرآن بصفات كثيرة كالإِرادة والعلم والقدرة وغيرها، وهي صفات كاملة الكمال المطلق) (١). وبهذه الطريقة تقبل السلف الصالح موضوع الذات الإلهية.

وإرسال الرسل والأنبياء من قبل الله تعالى، يدحض كل مزاعمهم بالحلول والاتحاد، إذ بظهوره أو اتحاده في الإنسان، ما كانت هناك حاجة للرسل والأنبياء.

ونستنتج مما تقدم أن فكرة تجسد الإِله في صورة إنسانية، هي اجتراء على الله الذي لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى:١١]، وضرب من المستحيلات لاختلاف ماهية كل منهما، وكذلك فهي زعزعة ليقظة الإِيمان في النفوس.

لهذا أستطيع أن أقول: أن ادعاء الحاكم الألوهية بالإِضافة إلى مظهر الكفر والإِلحاد فيه وفي مبادئ مذهبه التي روجت فيما بعد كان كذلك ما يسمى بـ (جنون العظمة) والرغبة بالحكم والسلطان، وشهوة الظلم والقتل والاعتداء على الآخرين، حتى تخيل أنه الإِله، وزين له ذلك الأذناب الذين كانوا حوله من أمثال حمزة بن علي والدرزي والفرغاني وغيرهم، فازداد قتله وبطشه بالناس، وأخذه أموال الناس بغير حق، وإعطاؤها بغير حق أيضًا، ليقال عنه: المميت والمحيي، والرزاق والمانع.

ولو أن هؤلاء الذين لازالوا يعتقدون بألوهية الحاكم، ومازالوا في الضلالات والمتاهات التي وضعها حمزة بن علي، أصغوا إلى نداء عقولهم ما بقي واحد منهم على هذا الاعتقاد الواهي، الذي لا يصدقه عقل، ولا تستسيغه نفس.

المصدر:عقيدة الدروز عرض ونقض لمحمد أحمد الخطيب – ص ٢٠٠


(١) عبد الكريم الخطيب: ((الله ذاتا وموضوعا))، (ص ٤٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>