للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا دليل على وجودهم وسماعهم، وأنهم وجدوا ما وعدوه بعد الموت من العذاب. وقال تعالى: وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ [آل عمران: ١٦٩]، وأيضًا قال تعالى: اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى [الزمر: ٤٢]، وهذا بيان لكون النفس تُقبض وقت الموت، ثم منها ما يمسك فلا يرسل إلى بدنه وهو الذي قُضي عليه بالموت، ومنها ما يرسل إلى أجل مسمى.

وقال تعالى: حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُون لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ [المؤمنون: ٩٩ - ١٠٠].

وقد أخبرنا تعالى أيضًا بأن هذه الأبدان التي فيها أرواحنا ستشهد علينا يوم القيامة بما عملت، قال تعالى: وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاء اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ حَتَّى إِذَا مَا جَاؤُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [فصلت: ١٩ – ٢٢]. مما تقدم من الآيات والأحاديث، دليل خبري حاسم على بطلان التناسخ، إذ بذلك ينتفي العدل الإلهي عن بني الإِنسان (١).يقول ابن حزم الظاهري: (ويكفي من الرد عليهم، إجماع جميع أهل الإِسلام على تكفيرهم، وعلى أن من قال بقولهم فإنه على غير الإسلام، وأن النبي صلى الله عليه وسلم أتى بغير هذا، وبما المسلمون مجمعون عليه من أن الجزاء لا يقع إلا بعد فراق الأجساد للأرواح بالنكر أو التنعيم قبل يوم القيامة، ثم بالجنة أو النار في موقف الحشر فقط إذا جمعت أجسادها مع أرواحها التي كانت فيها) (٢).وهذه الدعوى لا تعتمد على برهان حسي أو عقلي، وقد قامت الأدلة على حدوث العالم، وما كان حادثًا فلابد له من نهاية) (٣).


(١) ابن تيمية: ((مجموع الفتاوى)) (٤/ ٣٦٣ – ٢٧٠).
(٢) ابن حزم الظاهري: ((الفصل في الملل والأهواء والنحل))، (١/ ٩١).
(٣) محمد البشبيشي: ((الفرق الإِسلامية))، (ص ٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>