للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وانتفاء تساوي نفسين في جميع الخصائص أمر حقيقي يقول ابن حزم: (إن تساوي نفسين في جميع الخصائص أمر غير ممكن، فليس في العالم كله شيئان متشابهان بجميع أعراضهما اشتباها تامًا من كل وجه، يعلم هذا من تدبير اختلاف الصور واختلاف الهيئات وتباين الأخلاق، وإنما يقال هذا الشيء يشبه هذا على معنى أن ذلك في أكثر أحوالهما لا في كلها، ولو لم يكن ما قلنا ما فرَّق أحد بينهما ألبتة) (١).هذا من ناحية النفس الإِنسانية أما من ناحية الأخلاق (فإن الأخلاق تتباين، والأخلاق محمولة على النفس التي هي محل لها. ومتى تباينت الأخلاق تباينت النفوس من ناحيتها، وإذا تباينت النفوس كانت نفس كل بدن من الأبدان من أي نوع كان خلاف التي في غيره من أبدان ذلك النوع بالضرورة، وإذا يبطل القول بانتقال نفس من بدن هي مستعدة له إلى آخر من نوع ذلك البدن تصلح له نفس أخرى له خصائصها وأخلاقها) (٢).وينقل ابن حزم عن القائلين بالتناسخ قولهم: (إلى أن التناسخ هو على سبيل الجزاء، ذلك أن الله تعالى عدل حكيم رحيم كريم، فإذا هو كذلك فمحال أن يعذب من لا ذنب لهم بالجدري والقروح، فعلمنا أنه تعالى لم يفعل ذلك إلا وقد كانت الأرواح عصاة مستحقة للعقاب بكسب هذه الأجساد لتعذب فيها) (٣).

وهذا مشابه لاعتقاد الدروز أن من يولد أعمى وبه عاهة، إنما كان ذلك لعصيان هذه الأرواح في حيواتها السابقة. ويرد ابن حزم على ذلك بقوله: (ويكفي بطلان هذا الأصل الفاسد أن يقال لهم أن الحكيم العدل الرحيم على أصلكم لا يخلق من يعرضه للمعصية حتى يحتاج إلى إفساده بالعذاب بعد إصلاحه، وقد كان قادرًا على أن يظهر كل نفس خلقها ولا يعرضها للفتن ويلطف بها ألطافًا فيصلحها بها حتى تستحق كلها إحسانه والخلود في النعيم، وما كان ذلك ينقص شيئًا من ملكه. وحكم الشريعة أن كل قول لم يأت عن نبي تلك الشريعة فهو كذب وفرية، فإذا لم يأت عن أحد من الأنبياء عليهم السلام القول بالتناسخ فقد صار قولهم به خرافة وكذبًا وباطلاً) (٤).

....... ومن مزاعم واعتقادات الدروز أيضًا، أن أنفس العالم لا تزيد ولا تنقص، ولا أجد ردًا على هذا الزعم، إلا الإحصاءات السكانية التي تتوالى من جميع بلاد العالم عن الانفجار السكاني، وتزايد أعداد السكان في العالم يوما بعد يوم ... وأتساءل لماذا لا يزال الدروز إلى الآن يؤمنون بهذا الاعتقاد والذي يدحضه العقل والمنطق السليم؟.

المصدر:عقيدة الدروز عرض ونقض لمحمد أحمد الخطيب – ص ٢٠٠


(١) ابن حزم الظاهري: ((الفصل في الملل والأهواء والنحل))، (١/ ٩٣).
(٢) محمود البشبيشي: ((الفرق الإِسلامية))، (ص ٨٨).
(٣) ابن حزم الظاهري: ((الفصل في الملل والأهواء والنحل))، (١/ ٩٣).
(٤) ابن حزم الظاهري: ((الفصل في الملل والأهواء والنحل))، (١/ ٩٣ – ٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>