للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومؤلف الرسالة هو (بهاء الدين) الذي يتحدث عن حمزة بن علي، على أنه المسيح وهو السيد، ويأخذ بها الدين – في هذه الرسالة – على النصارى: (أن عقولهم تصور لهم أن السيد المسيح لا يظهر إلا عندهم، ولا ينتظر مجيئه سواهم، مع أن المسيح سيظهر للعالم كله والسيد – أي حمزة – قد عرف أن ظهوره لخلاص الأمم من الخطيئة ... ولهذا يقرع النصارى فيقول: فتنبهوا أيها الجهلة من مراقد الغفلة، وارجعوا إلى الحق مع أولياء السيد قبل انقضاء المهلة، فقد دارت الأدوار وظهر توحيد الأب من حيث العالم). والرسالة الثالثة هي الرسالة (القسطنطينية) والتي أرسلت إلى قسطنطين الثامن إمبراطور الروم، الذي تولى الحكم وعمره سنتان عام ٩٦٣ م، وتوفي في عام ١٠٢٨م، وكاتبها هو بهاء الدين، (الذي يتودد فيها للإمبراطور وكبار رجال الدين المسيحي في بيزنطة، وينعتهم بالقديسين، ويقرب ما بين دعوة الدروز وبين العقائد النصرانية، هادفا من وراء ذلك إلى بيان أن: الفار قليط الذي أعلن عن قدومه المسيح عيسى بن مريم هو نفسه حمزة بن علي، وأن على المسيحيين أن يؤمنوا بأن حمزة وديانة التوحيد التي دعا إليها هو الفار قليط، الذي أعلن عن مجيئه المسيح، وبهاء الدين يلجأ في سبيل ذلك إلى تأويل أحداث حياة السيد المسيح تأويلاً يؤدي إلى ما يهدف إليه، وكذلك إلى تأويل آيات الإِنجيل تأويلاً يتفق مع مآربه (١).

أما الرسالة الرابعة والأخيرة من الرسائل الأربعة الموجهة ضد النصاري، فهي (الموسومة بالتعقب والاقتفاء لأداء ما بقي علينا من هدم شريعة النصاري الفسقة الأضداد) وكاتبها هو بهاء الدين، ويصف نفسه بأنه: (محلل معاقد الملل وناسخ الأديان) وقد وجهها إلى ميخائيل إمبراطور الروم عام ١٠٣٤ م، وواضح من لهجة الرسالة أنها بالغة في العنف والإِقذاع بعكس الرسالة السابقة المتوددة، حيث لم تأتِ بنتيجة. وأن العلاقات ازدادت سوءً إلى أبعد حد بين الدروز ونصارى القسطنطينية، لأن بهاء في الرسالة يحمل بشدة عليهم لاضطهادهم أتباع ديانة التوحيد، ومساعدتهم دجالا أبرص أعور كان عدوا لديانة التوحيد.

والدروز يعتقدون أن المسيح الذي صلب، هو (المسيح الكذاب) ابن يوسف النجار، وهذا ما ورد في (رسالة السؤال والجواب).

س: وكيف الإِنجيل الذي عند النصارى، وماذا تقول عنه؟

ج: الإِنجيل حق، من قول السيد المسيح الذي هو سلمان الفارسي في دور محمد، وهو حمزة بن علي، والمسيح الكذاب هو الذي ولد من مريم لأنه ابن يوسف النجار.

س: وأين كان المسيح الحق لما كان المسيح الكذاب مع التلاميذ؟ ج: كان معه من جملة تلاميذه، وكان ينطق بالإِنجيل (٢)، وكان يعلم المسيح ابن يوسف ويقول له: اعمل ما هو كذا أو كذا، حسب مرسوم دين النصرانية، وكان يسمع منه كل قوله، ولما خالف قول السيد المسيح الحق ألقي في قلب اليهود بغضه فصلبوه.

س: وكيف صار بعد الصلب؟

ج: وضعوه في قبر وجاء المسيح الحق وسرقه من القبر، وطمره في البستان، وقال للناس: إن المسيح قام من الموتى.


(١) د. عبد الرحمن بدوي: ((مذاهب الاسلاميين))، (٢/ ٧٩٦).
(٢) إن مثل هذا الكلام لا يدل إلا على التزلف المقصود من واضع هذه الرسالة من المسيحيين، وهو لا شك غير مقبول عند المسيحيين، فليس كل ما في الإنجيل من كلام السيد المسيح عليه السلام، بل هو قصة تسرد حياة المسيح بأقلام مختلفة ومشاهدون تعددت جوانب الرؤية عندهم، بل وباعد بينهم وبين وقوع تلك الحوادث الزمن الطويل. وهو كذلك لا يتفق مع النظرة الإسلامية للأناجيل الموجودة بين أيدينا الآن، فإنها قد حرفت بحيث لا يستطيع أحد أن يحدد فيها ما هو من السيد المسيح، وما هو من الإضافات والتحريفات ليكون الحق.

<<  <  ج: ص:  >  >>