للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

س: ومن الذي قام من القبر، ودخل للتلاميذ والأبواب مغلقة؟ ج: المسيح الحي الذي لا يموت، وهو حمزة، عبد مولانا ومملوكه (١).

والخلاصة أن ما يرمي إليه الدروز – في ذلك الوقت – هو إثبات أن المسيح الحق هو حمزة بن علي عبد مولاهم الحاكم بأمر الله.

ولكن يظهر أنهم غيروا أيضًا من طريقتهم هذه، وصاروا يحسنون معاملة النصارى، وخاصة في لبنان، حيث يسيطر النصارى على الموقف، يقول يوسف خطار أبو شقرا مؤلف كتاب (الحركات في لبنان) وهو درزي ما يلي: (لم يكن فيما مضى ما بين الدروز والنصارى في لبنان، ما كان بينهم منذ سنة ١٨٠٠ م من الشقاق والنفور، بل كانت الطائفتان محبة إحداهما بالأخرى، آنسة إليها، وبعبارة أخرى كانت الجماعتان كجماعة واحدة تعملان على وتيرة واحدة) (٢).وتقول المستشرقة (بول هنري بوردو): (وأعجبت بتساهل هذا الشعب (الدرزي) وإرساله صغاره إلى المدارس المارونية، وصلاته في الكنائس والجوامع على السواء، حتى يلتبس على فلاحي لبنان الإِجابة لو سئلوا: هل الدروز نصارى أم مسلمون؟!) (٣).

وجاء في كتاب (لبنان في التاريخ) للمؤرخ اللبناني فيليب حتى ما يلي عن علاقة الدروز بنصارى لبنان:

(وقد دهش فولتي كونت وهو عالم فرنسي من شدة الشبه بين الدروز والموارنة من (المسيحيين) في أساليب العيش، وفي نظام الحكم .. وفي اللهجة وفي العادات وفي الآداب العامة فإن عائلات درزية ومارونية تعيش جنبا إلى جنب متصافية متوادة، وأحيانا يصطحب الموارنة جيرانهم الدروز إلى الكنائس.

ويؤمن الدروز بفعل الماء المقدس الذي يصلي عليه الكاهن وأحيانا إذا ألح المبشر في تبشير الدرزي فقد يقبل الدرزي سر المعمودية. وقد لاحظ ماريتي الراهب الإيطالي الذي زار البلاد سنة ١٧٦٠ م قبل مجيء فولتي بقليل: أن الدروز يظهرون خالص الود والاحترام للنصارى ويحترمون دينهم، والدرزي يصلي في كنيسة للروم الأرثوذكس كما يصلي في مسجد تركي. ويقول فريدرك بلس: أن الدروز لكي يتخلصوا من الخدمة العسكرية التركية كانوا يعلنون أنهم بروتستانت. ويؤكد ضابط فرنسي كان مقر خدمته حوران: أن العائلات الدرزية الأرستقراطية إذا فقدت طفلا أو أكثر يعمدون الطفل الذي يولد بعده، وقد عمد الابن الثاني لسلطان الأطرش سنة ١٩٢٤ م، وقد تكون ممارسة هذه التقاليد نوعا من التقية، وليس بمستغرب أن يتبرع درزي يقطن قرية أكثر سكانها من النصارى بالمال لكنيسة القرية) (٤).

المصدر:عقيدة الدروز عرض ونقد لمحمد أحمد الخطيب – ص ٢٥١


(١) مخطوط (رسالة في معرفة سر ديانة الدروز): في جامعة ييل، مجموعة سالزبوري (رقم ٩١) – ويوجد شريط عنه في الجامعة الأردنية (رقم ٢).
(٢) يوسف خطار أبو شقرا: ((الحركات في لبنان أي عهد المتصرفية))، (ص ٢٥).
(٣) بول هنري بورد: ((أميرة بابلية لدى الدروز))، (ص ٧٤).
(٤) د. فليب حتى: ((لبنان في التاريخ))، (ص ٤٩٥ – ٤٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>