ويرد حمزة أيضا على النصيري في قضية التناسخ التي يختلفون بها ويقول:(وأما قوله بأن أرواح النواصب والأضداد ترجع في الكلاب والقردة والخنازير إلى أن ترجع في الحديد، وتحمى وتضرب بالمطرقة، وبعضهم في الطير والبوم، وبعضهم ترجع إلى المرأة التي تثكل ولدها، فقد كذب على مولانا سبحانه بأن يعصيه رجل عاقل لبيب فيعاقبه في صورة كلب أو خنزير، وهم لا يعقلون ما كانوا عليه في الصورة البشرية، ولا يعرفون ما جنوه، ويصير حديدا ويحمى ويضرب بالمطرقة، فأين تكون الحكمة في ذلك والعدل فيهم؟!
وإنما تكون الحكمة في عذاب رجل يفهم ويعرف العذاب ليكون مأدبة لها وسببا لتوبته. وأما العذاب الواقع بالإنسان فهو نقلته من درجة عالية إلى درجة دونها في الدين وقلة معيشته وعمى قلبه في دينه ودنياه، وكذلك نقلته من قميص إلى قميص على هذا الترتيب، وكذلك الجزاء في الثواب مادام في قميصه فهو زيادة درجته في العلوم، وارتقائه من درجة إلى درجة في اللهوات إلى أن يبلغ إلى حد المكاسرة، ويزيد في ماله وينبسط في الدين من درجة إلى درجة إلى أن يبلغ إلى حد الإمامة، فهذه أرواح الباطنية وثوابها، وما تقدم أرواح الأضداد وعقابها، فمن اعتقد هذا كان عالما بتوحيد مولانا جل ذكره ... ومن اعتقد التناسخ مثل النصيرية المعنوية، في علي بن أبي طالب وعبده فقد خسر الدنيا والآخرة , ذلك هو الخسران المبين.
وهنا يأتي حمزة إلى النقطة الحاسمة في الخلاف، وهو اختلافهم في ألوهية الحاكم – كما يقول الدروز -، وألوهية علي بن أبي طالب كما يقول النصيرية، فيقول حمزة: (ثم إنه إذا ذكر عليا – أي النصيري – يقول: علينا سلامه ورحمته، وإذا ذكر مولانا جل ذكره يقول: علينا سلامه، فيطلب الرحمة من المفقود المعدوم، ويجحد الموجود الحاكم بذاته المنفرد عن مبدعاته، ولا يكون في الكفر أعظم من هذا، فصح عند العارف بأن الشرك الذي لا يغفر أبدا هو بأن يشرك بين علي بن أبي طالب وبين مولانا جل ذكره، ويقول علي مولانا الموجود، ومولانا هو علي لا فرق بينهما، والكفر ما اعتقده هذا الفاسق من العبادة في علي بن أبي طالب والجحود لمولانا جل ذكره).
وأما قوله بأن محمد بن عبد الله هو الحجاب الأعظم الذي ظهر لمولانا الحاكم منه، ومن لم يسدق بهذا الكتاب فهو من أصحاب هامان والشيطان وإبليس ... فقد كذب في جميع ما قاله المنجوس النصيري، فما عرف الدين ولا الحجاب، ومحمد كان حجاب علي بن أبي طالب، وأما حجاب مولانا جل ذكره فلا، وهذا قول من عقله سخيف، ودينه ضعيف، والحجاب هو سترة الشيء ليس إظهاره، والذي أظهر المولى جل اسمه نفسه منه كيف يشاء بلا اعتراض عليه يقال له حجة القائم، وهو المهدي، وبه دعا الخلق بنفسه إلى نفسه، وباشر العبيد بالصورة المرئية ومخاطبة البشرية، وكنه مولانا لا تدركه الأوهام والخواطر).
بعد هذا الرد من حمزة على النصيري، نورد نصا غريبا على طريقة السؤال والجواب، يفيد أن النصيرية فرقة من فرق الدروز، وانفصلت عنها، مع أن هذا لم يؤيده أي مصدر تاريخي أو أي مصدر من مصادر الدروز والنصيرية، والنص كان كما يلي: