للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فما الذي طرأ على علم الله سبحانه وتعالى حتى يلغي إرادته السابقة والتي قد أخبرنا بها في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم والنسخ لا يدخل الأخبار لأن الخبر ليس له إلا حالتان إما أن يكون صادقا أو غير ذلك وأخبار الله عز وجل كلها صدق وعدل فما أخبرنا بوقوعه فإنه لا محالة واقع؛ إذ الله عز وجل لا يهزل ولا يكذب ولا يجهل حتى يدعي هذا الدجال أنه فتح باب النبوة يا لها من حماقة تلك التي ارتكبها ذلك المفتري على الله عز وجل حينما أعلن فريته تلك، وزعم أن الله عز وجل (فك ختم النبيين) وسيذكر هو وأتباعه ذلك الإجرام عندما يقول الملك الحق سبحانه وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ [الصافات:٢٤] ولكن عندما نرى الحلقة الأخيرة من حلقات الضلال التي تدرج فيها ألا وهي الاعتداء على مقام الربوبية، فإنا نتيقن أنه لم يكن في كامل قواه العقلية عندما كان يظهر إلهاماته تلك، وإلا فهل هذا القول (يا ملأ الإنشاء اسمعوا نداء مالك الأسماء إنه يناديكم من شطر سجنه الأعظم أنه لا إله إلا هو المقتدر المتكبر المتسخر المتعالي العليم الحكيم أنه لا إله إلا هو المقتدر على العالمين) هل هذا قول إنسان عاقل حيث يصف نفسه بهذه الصفات التي لا تليق إلا بالله ثم يكون في سجن ثم أي عبارة هذه التي اخترعها (المتسخر) ومن أي القواميس أخذها ولم يكن أتباعه بأقل حماقة منه حيث كانوا يصفونه بصفات الربوبية كذلك كقولهم (ربنا الأبهي) وقولهم (الله عز وجل اسمه وعز ذكره) (١).

ثالثا: أما أدلته على استمرار الوحي فلا يخرج بعضها عما اعتاده أهل التشيع الغالي منهم والمعتدل حيث كانوا يستشهدون في دعاواهم بأقوال ينسبونها إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه أو أحد أئمتهم الوارثين لعلي رضي الله عنه ولما كان البهاء قد عاش في وسط شيعي فإنه لا بد أن يسلك مسلك سلفه الشيعة للاحتجاج على ما يريد ولهذا فقد افترى تلك الكذبة الآثمة على علي رضي الله عنه وقد تكون مما افتراه غيره ثم استغله هو كذلك.

وهذه القولة المزعومة على علي رضي الله عنه والتي تقول: (أين المدخر لتجديد الفرائض والسنن وأين المتخير لإعادة الملة والشريعة) هذه القولة قولة آثمة يتبرأ منها علي رضي الله عنه ولا يستطيع أحد أن يثبت سندها إليه.

ثم لماذا يترقب علي رضي الله عنه ذلك وقد كان الدين في عهده لا يزال غضا طريا؟ عجبا للباطل كيف يجد وسائله التي ينخدع العقلاء بها بل إن العقلاء أبعد من أن تنطلي عليهم تلك الأكاذيب، ولكن النفوس المريضة التي لم تخالطها بشاشة الإيمان يسهل قيادها بسلسلة الخداع والبهتان.

أما ما نسب إلى جعفر الصادق رضي الله عنه فليست هي الأولى من تزويراتهم عليه إذ قد زوروا عليه من الأقوال ما لا يحصى حتى أن كتاب (الكافي) الذي هو أكبر أصول الشيعة قد احتوى منها على مئات الأقوال فلا يستغرب إذن من أحد سلالات الشيعة أن يحذو حذو آبائه من قبل وحتى لو ثبت ذلك عن أبي جعفر الصادق فإنه ليس نبيا يؤخذ عنه ما يقول فهو كأي عالم آخر لا يقبل قوله في أقل أمور الشريعة – وليس فيها قليل – إلا بدليل فكيف يؤخذ عنه ما يهدم الإسلام ويخالف نصوص القرآن والسنة الصريحة كما رأينا طرفا منها في أول هذا البحث والتي تنفي مجيء نبي بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم.


(١) ((كتاب البهائية)) لمحب الدين الخطيب (ص: ٣٩ - ٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>