للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما استشهاده بقوله تعالى: وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ. [المائدة:٦٤]، فإن ذلك في غاية العجب إذ أحدث لها تفسيرا لم ينقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه ولا عن التابعين ولا عن أحد من الأمة الإسلامية إلى اليوم. فالآية توبخ اليهود وتفضح عقائدهم الباطلة في الله عز وجل حيث يصفونه تعالى بالبخل عليهم وعدم العطاء لهم هذا هو معنى الآية الكريمة يقول الطبري رحمه الله: (إنهم قالوا: إن الله يبخل علينا ويمنعنا فضله فلا يفضل كالمغلولة يده الذي لا يقدر أن يبسطها بعطاء ولا بذل معروف) (١).وقال ابن كثير رحمه الله: (يخبر تعالى عن اليهود عليهم لعائن الله المتتابعة إلى يوم القيامة بأنهم وصفوه – تعالى عن قولهم علوا كبيرا – بأنه بخيل كما وصفوه بأنه فقير وهم أغنياء وعبروا عن البخل بأن قالوا: يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ [المائدة:٦٤] (٢). هذا هو فهم علماء الأمة الإسلامية لكلام الله عز وجل ليس كما يزعم البهاء أن اليهود قالوا: إن الله بعد أن خلق الطلعة الموسوية أصبحت يده مغلولة.

ولكنها الباطنية الخبيثة تتجلى في كل عصر بمظهر جديد يتناسب مع البدعة التي تظهر بها وقد بدأت سلسلة التأويلات المنحرفة من زمن بعيد على أيدي أولئك الباطنيين ليهدموا بها شريعة الإسلام التي كانت شجي في حلوقهم وسهاما في قلوبهم المريضة لأنها حالت بينهم وبين شهواتهم المنحرفة فأعملوا في ذلك عقولهم حتى أوجدوا لهم ما يستطيعون به إتيان الأمور المحرمة في ظل التأويل الباطني.

ولو ترك الأمر لكل ضال ختال ليقول في القرآن برأيه لما بقيت للشريعة الإسلامية باقية لأن أوجه الاحتيال تتعدد وتتنوع من شخص لشخص ومن عصر لآخر وهكذا.

رابعا: لقد جاء البهاء بتعاليم غريبة وعجيبة تحمل في داخلها دليل بطلانها وفسادها وقد رأينا ما ذكره فيها من تحريم الدخول في حمامات العجم ووصفها بالنتن والعفونة .. وهذه وصمة لتلك الأمة وتشهير بها على مدى الزمن لو تغيرت أوضاعها.

فأية تعاليم هذه التي تشجب أمة من الناس لوجود عيب في بعضهم يمكن أن يزول؟ وهلا دعا إلى نظافتها والاهتمام بها إن كان عاقلا؛ إذ تلك الصفة قد تزول وتنتهي وتبقى المذمة مدونة في كتاب البهائية على مدى الدهر ثم إنه ليس كل حمامات العجم على صورة واحدة كأي مجتمع بشري آخر منها النظيف ومنها دون ذلك ثم إن كان هذا خطابة لغير العجم فما هو تشريعه للعجم في ذلك.

وإن هذا لدليل واضح على كذب البهاء في نسبة دعوته إلى الله عز وجل إذ يتعالى الله سبحانه عن مثل هذه الهذيانات الهابطة.

ولكنها حماقات إنسان فقد وعيه وانساق وراء وساوس الشيطان حتى أصبح لا يدري ماذا يقدمه لأتباعه فهام في أودية الحمامات وتنقل في مستنقعات العجم فوجدها منتنة كنتن عقيدته التي لا تعدو أن تكون صورة لتشريعه ذلك ..


(١) ((تفسير الطبري)) (١٠/ ٤٥١).
(٢) ((تفسير ابن كثير)) (٢/ ٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>