للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خامسا: أما كتاب البهائية (الأقدس) فهو عبارة عن خيالات صوفية وعبارات فلسفية أراد صاحبها أن يبهر الذين يقرؤونها بتلك الهالات من الألفاظ التي لا يجد تحتها القارئ فائدة تذكر مع ما فيه من عجمة اللفظ وسقم العبارة.

ففي أوائل ذلك الكتاب (قل من حدودي يمر عرف قميصي وبها تنصب أعلام النصر على القنن والإتلال وقد تكلم لسان قدرتي في جبروت عظمتي مخاطبا لبريتي أن اعملوا حدودي حبا لجمالي طوبى لحبيب وجد عرف المحبوب من هذه الكلمة التي فاحت منها نفحات الفضل على شأن لا توصف بالأذكار لعمري من شرب رحيق الإنصاف من أيادي الألطاف أنه يطوف حول أوامري المشرقة من أفق الإبداع) وفي أواخره يقول: (يا أهل الإنشاء إذا طارت الورقاء عن أيك الثناء وقصدت المقصد الأقصى الأخفى) وهذا الأسلوب يرجع إلى النشأة الصوفية التي عاشها كما رأينا ذلك في ترجمته أما عباراته فلا يخفى على القارئ ما فيها من مظاهر العجمة التي لا تمت إلى اللغة العربية بصلة فهو مع سوء التركيب غامض المعنى، فانظر مثلا إليه وهو يقول: (قد أخذهم سكر الهوى على شأن لا يرون مولى الورى) ويقول كذلك: (لعل تسطع) و (لعل تجدون) و (لعل تدعون) ويقول: (اذكروا يا قوم نعمة الله عليكم إذ كنتم رقداء أيقظكم من نسمات الوحي) ويقول: (قد أخذتنا الأحزان بما رأيناك تدور لاسمنا) وهكذا أكثر عبارات ذلك الكتاب عجمة في اللفظ وركة في الأسلوب وفساد تصور في العقيدة كما في الجملة الأخيرة التي تصف الله عز وجل بأنه قد حزن عليه وهو تائه (تدور) أي تبحث ولهذا فإن أحد دعاة البهائية الكبار يقول (نحن معاشر الأمة البهائية نعتقد بأن مظاهر أمر الله ومهابط وحيه هم بالحقيقة مظاهر جميع أسمائه وصفاته ومطالع شموس آياته وبيناته لا تظهر صفة من صفات الله في الرتبة الأولى إلا منهم ولا يمكن إثبات نعت من النعوت الجلالية والجمالية إلا بهم ولا يعقل إرجاع الضمائر والإشارات في نسبة الأفعال إلى الذات إلا إليهم؛ لأن الذات الإلهية والحقيقة الربانية غيب في ذاتها متعال عن الأوصاف بحقيقتها منزه عن النعوت بكينونتها) (١). وبهذا يصبح البهاء على كرسي العظمة الربانية تسبغ عليه كل الصفات الربانية وتنسب إليه كل أفعال الكون لأنه مشهودة والله الخالق غيب وهكذا الضلال يتتابع ويتوالد وَالَّذِي خَبُثَ لاَ يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِدًا [الأعراف:٥٨]

فأي دين هذا الذي بدأ بالمسيحية وانتهي بالربوبية إنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور وتتضح حقيقة تلك الدعوة المنحرفة عندما نرى صلتها بالاستعمار الحاقد على الإسلام وأهله وباليهود أعداء البشرية أجمع والذين يقفون وراء كل معول يهدم الأديان والأخلاق لتسهل عليهم السيطرة على الحياة البشرية في غيبة الحق وانطماس أنواره.

ويريد بعد هذا الخلط والسفه أن يستبدل كتابه هذا بالقرآن الكريم الذي تحدى بإعجازه فطاحل العربية وفصائحها والذين كانت أذواقهم العربية في ذروة الأذواق حتى كان يبلغ الأمر بأحدهم إذا سمع عبارة فصيحة بليغة يخر لها ساجدا ثم يأتي هذا الأعجمي الذي لا يحسن مبادئ العربية لينسخ بلكنته الأعجمية ذلك المعجز ولعل الفصاحة القرآنية كانت إحدى الأسباب في هزيمة هذه النحلة في البلاد العربية فاتجهت إلى البلاد الأعجمية للبحث لها عن موطن لا يستطيع عوام الناس فيه أن يروا عوارها أو يكشفوا أستارها، وأن العلماء في تلك المجتمعات قد هاجموها وبينوا زيفها إلا أن الطبقة غير المتعلمة تبقي فريسة لأمثال تلك الدعوات الضالة.

وتتضح الرؤية لتلك الدعوات الضالة بدرجة أكثر إذا رأينا صلاتها بأعداء الإسلام من يهود ونصارى وغيرهم إذ هم الذين كانوا يقفون وراءها كل دعوة تهدم الأديان وتفسد الأخلاق.

المصدر:عقيدة ختم النبوة بالنبوة المحمدية لأحمد بن سعد الغامدي – ص: ٢٢٩


(١) ((الدرر البهية)) (ج ٥٤) نقلا عن ((البهائية)) (ص: ٣٥ – ٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>