للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثالثا من أصحابه الكرام الذين صحبوه وبذلك كانوا أدرى بمعانيه لما وهبهم الله من الفهم التام والعلم الصحيح ولما شاهدوا من القرائن والأحوال عند نزوله ولأنهم تعلموا القرآن من صاحب الوحي.

رابعا إذا لم يوجد تفسيره في الكتاب العزيز ولا في أحاديث الرسول ولا في تفاسير الصحابة يرجع إلى اللغة العربية ولكن يجب أن يعلم أن المعنى المحتمل من حيث اللغة يقبل إذا لم يخالف التفسير المأثور عن النبي وأصحابه والسلف الصالحين بإجماع المسلمين.

وإذا فهمت ما قدمته لك فاقرأ ما أتلوه عليك:

إن لفظ الخاتم فيه قراءتان الأولى وهي المشهورة التي اختارها جمهور القراء بكسر التاء والثانية خاتم بفتح التاء وحيث جاءت فيه قراءتان وجب بيان معناهما فاعلم أن الخاتم بكسر التاء يطلق على معان:

آخر القوم.

فاعل الختم.

الطابع.

الحلي المعروف بالأصبع.

خاتم القفا أي نقرته. أما بفتح التاء فيستعمل بمعنى آخر القوم وبمعنى الطابع الذي يوضع على الطينة قال الشيخ محمد شفيع الديوبندي: وإذا استقريت معاني الخاتم والخاتم فانظر أيها يكون مرادا في الآية وأنت تعلم أن إطلاق الخاتم أو الخاتم على النبي بحسب المعاني الأخيرة لا يمكن إلا مجازا كما هو ظاهر غني عن البيان ولا حاجة إلى ارتكاب المجاز لجواز إرادة الحقيقة بالمعنى الأول والثاني بلا تكلف فتبين أن المعنى الأول أو الثاني هو المراد في الآية لا غير سواء قرئ بفتح التاء أو بكسرها ثم مآل هذين المعنيين واحد فإن المعنى آخر النبيين على الأول والذي ختمهم على الثاني ومرجعهما ههنا واحد، قال في (روح المعاني): خاتم النبيين الذي ختم النبيون به ومآله آخر النبيين وبمثله صرح الشيخ زاده في حاشيته على البيضاوي ثم ذكر بعض كلام علماء اللغة. اهـ (١).

إذا تمهد ما سبق فأقول: غير خاف أن تفسير الآية بما فسره هذا الدجال يفتح باب النبوة على مصراعيه بعد خاتم النبيين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم والقرآن يرد هذا التفسير كما سبق في الأجوبة للشبهة الثانية كما أن أحاديث الرسول وأقوال الصحابة والتابعين ترد هذا الزعم الفاسد وتصفع وجه صاحبها وتقول له إنك لغوي مبين. حيث إن الأحاديث التي بلغت مبلغ التواتر قد نصت على انقطاع النبوة والرسالة بعد محمد صلى الله عليه وسلم كما أن المسلمين سلفا وخلفا بما فيهم من المذاهب المتعددة قد أجمعوا على أن محمدا خاتم النبيين والمرسلين وأنه لا نبي بعده إلى يوم الدين واللغة العربية ترده ومن أجل ذلك لما ادعى الميرزا علي محمد الباب أنه رسول أوحى الله إليه حكمت علماء الشيعة في المملكة الإيرانية بكفره وارتداده وأنه يجب قتله إن لم يتب ولما لم يتب قتله ناصر الدين القاجاري. قال الدكتور محسن عبد الحميد نقلا عن الشيخ محمد الكاظمي القزويني: على أنا لو سلمنا جدلا صحة ذلك لكان على بطلان دعوى التبيان أدل وذلك لأنه إذا كان رسول الله زينة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وأنهم يتزينون به كما يقول لزم أن يكون أفضلهم قطعا والأفضل لا يصح أن تختم بنبوته بمن هو دونه كما لا يصح التقدم عليه يقبح ذلك في أوائل العقول وعليه يجب أن يكون خاتمهم لأن به كمالهم وتمامهم وتلك قضيته على حد تعبيره وأقول إذا كان هذا القول صحيحا وإذا كان الأنبياء سابقين ولاحقين يتزينون برسول الله لأنه أفضلهم فكيف جاز لهم أن ينسخوا أحكامه ويبطلوا قرآنه كما ادعى بذلك الكذابان الباب والبهاء. اهـ (٢)

المصدر:العقائد السلفية بأدلتها النقلية والعقلية لأحمد بن حجر آل بوطامي- ص٢٧٤ - ٢٨١


(١) من ((هداية المهديين)).
(٢) ((البهائية في الميزان)).

<<  <  ج: ص:  >  >>