للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخشي مرزا غلام أحمد من ثورة المسلمين عليه بدعواه النبوة، فزعم أن نبوته نبوة ظلية أي أن نبوته ظلاً لنبوة محمد صلى الله عليه وسلم، فقال: "إنما يريد منكم الله سبحانه من حيث العقيدة أن تؤمنوا بأن الله واحد وأن محمداً رسوله، وأنه خاتم النبيين وهو أفضل الناس أجمعين لا نبي بعده إلا الذي ألبس رداء المحمدية على سبيل التمثيل أو البروز، فإن الخادم ليس بمنفصل عن مخدومه، ولا الفرع بمنصرمٍ عن جزعه، لذلك كان بكليته فانياً في سيده، وينال من الله لقب نبي فما هو مخلو بختم النبوة مثلما تكون أنت اثنين إذا نظرت في المرآة، بل إنما تكون واحداً، وإن يتراءى لك اثنان بادئ الرؤيا، وليس الفرق ثمة إلا بين الظل والأصل، فهكذا تمت وقضت مشيئة الله في المسيح الموعود" (١).ويقول في (براهين أحمدية): "ولا ينبغي أن نقول هنا كيف يكون شخص أدنى من أمة النبي صلى الله عليه وسلم، شريكاً في أسمائه أو أوصافه أو كمالاته، ومما لاشك فيه أنه لا يقدر أحد ولو كان نبياً أن يكون شريكه في كمالاته القدسية، ولا الملائكة كلهم يستطيعون ذلك. فكيف يستطيع ذلك غيرهم؟ ولكن اسمه يا طالب العلم منتبهاً إن الله تعالى قضى بكمال حكمته ورحمته أن يبعث رجالاً من الأمة المحمدية يتبعونه في غاية العجز والتذلل، يظهر بوجودهم الخفي بركات نبيه، صلى الله عليه وسلم، حتى تدوم بركاته وتظل أنوار أشعته الكاملة تبهر الخصوم وتبهتهم، والنبي صلى الله عليه وسلم، هو المصدر الكامل والمرجع التام لما تصدر منهم من بركات وآيات ومعارف، وهو وحده المستحق للثناء الكامل والحقيقي، ولكن حيث أن منبع سنن النبي، صلى الله عليه وسلم بسبب اتباعه الكامل يصير الظل للشخص النوراني الفياض لحضرة النبي، صلى الله عليه وسلم، وجميع الأنوار الربانية التي ظهرت في ذلك الوجود المقدس تظهر وتبدو في ظله أيضاً، وظهور هيئة الأصل وكيفيته الكاملتين في ظله أمر معلوم لا يخفى على أحد" (٢).وما أن هدأت الثورة بعض الشيء حتى وجد الفرصة لينتقل من دعواه النبوة الظلية إلى دعوى النبوة المستقلة فيقول: "إذا حصل أحد أتباع النبي بفضل أتباعه على درجة الوحي والإلهام والنبوة ويطلق عليه اسم النبي، فلا يعني ذلك كسر ختم النبوة، لأنه نفسه ليس بشيء، بل ما حصل عليه من كمال يعود إلى نبيه الذي يتبعه، وهو ليس نبي فقط، بل نبي وفي نفس الوقت من أمتي، وختم النبوة يمنع مجيء نبي لا يكون من أمتي" (٣).وبلغت جرأته على القرآن الكريم وعلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وبلغت جرأته على القرآن الكريم وعلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، شهد له بالنبوة، بل إن السماء والأرض وما من نبي إلا شهد له بالنبوة، ويأمر المسلمين باتباعه فيقول: "إنني صادق كموسى وعيسى وداود ومحمد، صلى الله عليه وسلم، وقد أنزل الله لتصديقي آيات سماوية تربو على عشرة آلاف، وقد شهد لي القرآن الكريم، وشهد لي الرسول، وقد عين الأنبياء زمن بعثتي وذلك هو عصرنا هذا، والقرآن يعين عصري، ولقد شهدت لي السماء والأرض، وما من نبي إلا وقد شهد لي" (٤).ولقد كان جريئاً في الكذب حين ادعى النبوة وقال: "يؤيد الله كوني مرسلاً من قبله، فقد ’ظهر على يدي من الآيات ما لو قسم على ألف نبي لكفتْ لإثبات نبوتهم، ولكن شياطين الإنس لا يؤمنون" (٥).وقال: "أنا نبي بأمر الله، وإذا أنكرت ذلك أرتكب إثماً، وكيف أستطيع أن أرفض ذلك، والله سماني نبياً، فأنا على ذلك ما دمت حياً" (٦).

المصدر: القاديانية للدكتور عامر النجار - ص٣١،٣٧


(١) المرزا غلام أحمد: ((سفينة نوح)) (ص ١٨ - ١٩).
(٢) المرزا غلام أحمد: ((براهين أحمدية)) (ص ٢٤٣ - ٢٤٤).
(٣) المرزا غلام أحمد: ((جشمه مسيحي قادياني مذهب)) (ص ٢٤٣).
(٤) المرزا غلام أحمد: ((تحفة الندوة)) (ص٤).
(٥) المرزا غلام أحمد: ((تتمة حقيقة الوحي)) (ص١٤٨).
(٦) رسالة من غلام أحمد إلى ((جريدة أخبار عام)) لاهور، في ٢٣ أيار ١٩٠٨م.

<<  <  ج: ص:  >  >>