للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالآية صريحة وواضحة في معناها وفي دلالتها على انقطاع النبوة بمحمد صلى الله عليه وسلم. فجاء الدجاجلة كالقادياني وغيره وتسلطوا على معناها فأولوها تأويلات أجمع المسلمون على أنها باطلة، مثل تأويلاتهم السابقة لمعنى خاتم النبيين من أنه أفضلهم لا غير، أو تأويلهم لها بمعنى أن الرسول صلى الله عليه وسلم مثل الخاتم الذي يختم به على المعاملات الرسمية - المهر - من كونه زينة لهم وغير ذلك من المعاني الباطلة، أو زعمهم - حين رأوا ضعف ذلك التأويل السابق - أن معنى الآية هو إثبات أن محمداً صلى الله عليه وسلم هو خاتم النبيين أصحاب الشرائع المستقلة، لا الأنبياء الذين لم يأتوا بشرائع مستقلة عن التي قبلها؛ بل جاءوا متممين ومكملين للشرائع مثل حال القادياني بالنسبة للشريعة الإسلامية، التي هي في حاجة إلى من يكملها كالقادياني وغيره. وهي أفكار لا تجد لها رواجاً إلا بين الجهال ومن قل خوفهم من ربهم، فآثروا الدنيا على الآخرة، أو من كان له هدف يريد تحقيقه من وراء هذه الحركات الهدامة، وفي شرح الآية هذه يقول بشير الدين محمود بن الغلام أحمد: (إن الخاتَم بفتح التاء معناه الآلة التي يختم بها وليس الانتهاء - الخاتم يتخذ للتصديق - ومعنى الآية إذاً أنه صلى الله عليه وسلم آلة الختم التي ختم بها جميع النبيين). إلى أن يقول: (والخلاصة أن هذه الآية لا تحظر النبوة التي ذكرناها آنفاً، ولكنها تنفي النبوة التشريعية أو النبوة المباشرة) (١).وفي قوله تعالى: يَا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ [الأعراف:٣٥] استنتج من هذه الآية عدم انقطاع النبوة؛ قال: ويتبين من هذه الآية أن الأنبياء سيبعثون في هذه الأمة أيضاً؛ لأن الله تعالى يذكر هنا الأمة المسلمة بأن الأنبياء إن بعثوا إليكم فعليكم أن تؤمنوا بهم، إلى أن يقول أيضاً: إن سلمنا أن (إما) للشرط فإنها مع ذلك تدل على أن النبوة غير منقطعة) (٢).وبعد هذا الكذب على الله في معنى الآية يضيف كذباً آخر على النبي صلى الله عليه وسلم في إثبات عدم انقطاع النبوة بعده صلى الله عليه وسلم؛ حيث أثبت أن المسيح نبي، قال: (وعلاوة على شواهد القرآن الحكيم يتبين من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم أيضاً أن باب النبوة ليس بمسدود على الإطلاق، لأنه صلى الله عليه وسلم وصف المسيح الموعود بصفة النبي مراراً، ولو لم يمكن وجود النبوة مطلقاً لما وصفه النبي صلى الله عليه وسلم بصفة النبي) (٣).


(١) ((دعوة الأمير- معتقدات الجماعة الإسلامية)) (ص٣٤).
(٢) ((دعوة الأمير- معتقدات الجماعة الإسلامية)) (ص٤٠).
(٣) ((دعوة الأمير- معتقدات الجماعة الإسلامية)) (ص٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>