للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وغريب جداً هذا الفهم القاصر لخليفة القادياني في زعامة القاديانيين؛ أن يستدل بإثبات النبوة لعيسى على استمرار تجدد الأنبياء، وأن يستدل من أمر الله لبني آدم - بعد إهباطه لأبيهم إلى الأرض - بالإيمان بالأنبياء الذين سَيُرْسِلُهُمْ، على استمرار النبوة بعد محمد صلى الله عليه وسلم، هذا فَهْمٌ يدعو إلى العجب حقاً، وهذه حجة من لا حجة له، وكم تناقض القاديانيون هنا! فمرة يزعمون أن الغلام نبي مشرع، ومرة يزعمون أنه نبي تابع للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، مع أن هذا التفريق لا دليل عليه، فإن الله تعالى لم يخبرنا بأن فيه (فرقاً) بين النبي المشرع والآخر غير المشرع، بل أمر بالإيمان بجميع الأنبياء بدون تفريقهم بينهم، وحتى ما يقوله بعض العلماء من أن النبي هو الشخص الذي يسير على الشرع السابق للرسول قبله ويجدده، لا ينطبق على الغلام؛ لأنه جاء بتشريعات كثيرة تخالف الشريعة الإسلامية تمام المخالفة ومستقلة تمام الاستقلال (١).وكل تلك التأويلات - التي لفقها القادياني وأتباعه بعدم انقطاع النبوة - لا يقبلها إلا غافل فارغ عن العلم، وجاهل باللغة العربية، وجاهل بالدين الإسلامي؛ ذلك أن الختم معناه آخر الشيء ونهايته، كما يذكر علماء اللغة (٢)؛ لا أن معناه أفضل الشيء وأجوده.

وقد وردت النصوص من الكتاب والسنة على المعنى الأول، وأنه لا نبي بعده محمد صلى الله عليه وسلم، وأنه آخر الأنبياء، به أكمل الله الدين وأتم به النعمة على العباد، ومن لم يعتقد هذا فلا حظ له من الإسلام، وقد قدمنا ذكر بعض الأدلة على ختم النبوة بمحمد صلى الله عليه وسلم وهي واضحة صريحة، لولا بُعْدُ هؤلاء عن الدين واستحواذ الشياطين عليهم. والأحاديث في هذا المعنى كثيرة غير خافية على طلاب العلم.

ومن غريب أمر القادياني أن يترك الأدلة الصريحة من القرآن والسنة على أن خاتم الشيء هو آخره، وأن الرسول خاتم الأنبياء أي آخرهم، ثم يستدل بأقوال الشعراء - الذين يتبعهم الغاوون - على أن خاتم الشيء أفضله واستدل بقول الشاعر:

فُجع القريض بخاتم الشعراء ... وغدير روضتها حبيب الطائي

وخاتم الشعراء هنا يعني أفضلهم وزينتهم كما فسره القاديانيون، ولكن معناه في الحقيقة أن الشاعر - وهو حسن بن وهب - يظن أن أبا تمام الذي قيل في رثائه هذا البيت - أفضل الشعراء المتقدمين ذوي الحكمة والعقل، وأنه على حسب ما يعتقد فيه الشاعر أنه خاتم الشعراء، أي فلا يمكن أن يأتي بعده مثله (٣)، هكذا ظن والظن أكذب الحديث - وعلى أي تفسير فإن القرآن والسنة لا يعارضان بأقوال الشعراء. ولكن الغريق بكل حبل يمسك، فإن تأويلات الباطنية من القاديانية أو البهائية أو غيرهم بأن خاتم النبيين أي أفضلهم أو زينة لهم، كل تلك التأويلات لا يلتفت إليها أي مسلم شرح الله صدره للإسلام، ولا شك أن نسبة هؤلاء للرسول صلى الله عليه وسلم بأنه كالمهر في الورقة، هذه إهانة للرسول صلى الله عليه وسلم، فالذي يحب الرسول صلى الله عليه وسلم ويحترمه لا يستجيز لنفسه أن يمثله بخاتم في أسفل الورقة، فالرسول صلى الله عليه وسلم أجلُّ من أن يمثل بهذا.

المصدر:فرق معاصرة لعواجي ٢/ ٧٦٨ - ٧٧٣


(١) انظر: كتاب ((لماذا تركت القاديانية)) محمد أختر (ص٢٠) ترجمة محمد كليم الدين.
(٢) انظر كتب اللغة، مادة ختم.
(٣) انظر: ((القاديانية)) (ص٢٧٧ - ٢٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>