للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنه يريد أن يوجد لنفسه سندا أولا حتى يقيم دعواه على أساس يستطيع به خداع المسلمين على أنها دعوى صحيحة ويتضح ذلك القصد من خلال كلامه: فهو يقول: (خذوا التوحيد يا أبناء الفارس – إنا أنزلنا قريبا من القاديان .. ) (١). فهو هنا يشير إلى الحديث الصحيح الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم وهو ((لو كان الدين عند الثريا لذهب به رجل من فارس أو من أبناء فارس حتى يتناوله)) (٢) (٣) ولقد أشار إليه القادياني كذلك في قوله (لو كان الإيمان معلقا بالثريا لناله).فهذا السند الأول الذي لمح به ويحاول ادعاء الفارسية لأجله فهل فيه سند له؟ إن الحديث لم يقل (لو كان الوحي عند الثريا لذهب به رجل من فارس) إنه قال: ((لو كان الدين ... )) (٤). الدين الذي جاء به محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم من غير إحداث نبوة إذ في دينه أنه لا نبي بعده ولهذا نراه يشير إلى الحديث من غير تصريح لأنه يعلم أن ذلك لا يمكنه من دعواه تلك ولكن يبدو أن هذه المحاولة قد فشلت فانتقل إلى غيرها وترك النسبة الفارسية وادعى أنه من آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم وأن إحدى جداته كانت من آل البيت .. أراد بذلك أن يمهد لدعوى (المهدية) والتي قد بشرت بها السنة – كما تقدم – وقد فعل وادعى أنه المهدي ولكن المهدي لا يكون مبتدعا ولا ناسخا لشيء من دين الإسلام ولا يدعي الوحي ولا النبوة إذ هو أحد أفراد الأمة يكرمه الله بوظيفة الإصلاح في آخر الزمان. وهذه الدعاوى الثلاث لم تف له بالغرض وهو ممن تربى على كتب التصوف الضالة وخاصة كتب (ابن عربي) الذي رأينا طرفا من أفكاره من قبل فزعم القادياني أن مما قرأه في كتب ابن عربي أنه بشر بمجيء ولد صيني يدعو إلى الله فادعى أنه هو وقال (إن محي الدين بن العربي في كتابه (فصوص الحكم) حيث قال (يولد في آخر الزمان ولد يدعو إلى الله ويكون مولده بالصين ولغته لغة بلده فأنا هو المقصود لأني صيني الأصل) (٥). وهذه دعوى رابعة في نسبه كما ترى.

ويبدوا أن الرجل أراد أن يخدع المسلمين بدعوى المهدية التي بشر بها نبيهم صلى الله عليه وسلم ويخدع أهل التصوف بدعوى أن شيخهم تنبأ له وأخبر به قبل مجيئه.

فما هو نسبه يا ترى؟ هل هو مغولي كما ذكر آباؤه؟ أم هو فارسي كما زعم أنه أوحي إليه بذلك ثم كذب نفسه بعد ذلك وادعى أنه صيني أم أنه عربي من آل البيت إنه اضطراب عجيب وحيرة عاشها ذلك المتنبئ.

وهذه أولى صور الاضطراب والحيرة في حياته

ثانيا: دعاوى القادياني:

أما دعاواه الكاذبة فقد رأينا أنها تزيد على عشر دعاوى وهو مظهر حيرته واضطرابه فقد ظهر مدافعا عن الإسلام ثم انتهى أخيرا إلى دعوى النبوة ونزول الوحي عليه بل بلغ به الهوس حتى وصل إلى تلك الرؤيا المنحطة التي رأى نفسه فيها أنه هو (الله) وأراد تغيير خلق الكون بأسره يا لها من سخافة حمقاء وصل إليها ذلك الفكر الضال.


(١) ((تذكرة)) (ص: ٥٢).
(٢) رواه مسلم (٢٥٤٦) من حديث أبي هريرة.
(٣) ((تذكرة)) (ص٥٢.
(٤) رواه مسلم (٢٥٤٦).
(٥) ((حقيقة الوحي)) (ص ٢٠٠) عن ((القاديانة)) لإحسان (ص ١٤٦) وقد بحثت عنها في كتاب الفصوص فلم أجدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>