للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتكرر ذلك منه جمعات، فقيل له في ذلك، فقال: حتى ينتشر في الناس وفي أهل الصلاح ويشيع الخبر في أهل البلاد أني بريء مما هم عليه – يعني الأشعرية -، بريء من مذهب أبي بكر بن الباقلاني، فإن جماعة من المتفقهة الغرباء يدخلون على الباقلاني خفية ويقرؤون عليه فيفتنون بمذهبه، فإذا رجعوا إلى بلادهم أظهروا بدعتهم لا محالة، فيظن ظان أنهم مني تعلموه قبله، وأنا ما قلته، وأنا بريء من مذهب الباقلاني وعقيدته".قال: "ومعروف شدة الشيخ أبي حامد على أهل الكلام، حتى ميز أصول فقه الشافعي من أصول الأشعري، وعلقه عنه أبو بكر الزاذاقان. وهو عندي، وبه اقتدى الشيخ أبو إسحاق الشيرازي في كتابيه (اللمع) و (التبصرة)، حتى لو وافق قول الأشعري وجهاً لأصحابنا ميزه وقال: هو قول بعض أصحابنا، وبه قالت الأشعرية، ولم يعدهم من أصحاب الشافعي، استنكفوا منهم ومن مذهبهم في أصول الفقه، فضلاً عن أصول الدين" (١) اهـ.

شيخ الشافعية قاضي نيسابور الإمام أبو عمر محمد بن الحسين ابن الهيثم البسطامي الشافعي الواعظ "٤٠٨هـ":قال شيخ الإسلام أبو إسماعيل الهروي الأنصاري: "سمعت الحاكم عدنان بن عبدة النميري يقول: سمعت أبا عمر البسطامي يقول: كان أبو الحسن الأشعري أولاً ينتحل الاعتزال، ثم رجع فتكلم عليهم، وإنما مذهبه التعطيل، إلا أنه رجع من التصريح إلى التمويه" (٢) اهـ.

الإمام المحدث الزاهد أبو سعد أحمد بن محمد بن الخليل الأنصاري الهروي الماليني "٤١٢هـ":قال شيخ الإسلام أبو إسماعيل الهروي الأنصاري: "سمعت الشيخ أحمد بن أبي نصر الماليني يقول: دخلت جامع عمرو بن العاص رضي الله عنه بمصر في نفر من أصحابي، فلما جلسنا، جاء شيخ فقال: أنتم أهل خراسان أهل سنة، وهذا هو موضع الأشعرية، فقوموا" (٣) اهـ.

الشيخ الإمام الحافظ أبو نصر عبيدالله بن سعيد السجزي "٤٤٤هـ":قال: "وينبغي أن يتأمل قول الكلابية والأشعرية في الصفات، ليعلم أنهم غير مثبتين إلهاً في الحقيقة، وأنهم يتخيرون من النصوص ما أرادوه، ويتركون سائرها ويخالفونه" (٤) اهـ. وقال أيضاً: "قد صنف غير واحد من المتكلمين من المعتزلة والكرامية في فضائح الأشعرية والكلابية، كما صنف هؤلاء في فضائح الآخرين. ولكل مخالف للسنة وطريقة أهل الأثر ما يفتضح به عند التأمل. وأهل الأثر لا فضيحة عليهم عند محل" (٥) اهـ. وقال: "ثم بلي أهل السنة بعد هؤلاء – أي: المعتزلة – بقوم يدعون أنهم من أهل الاتباع. وضررهم أكثر من ضرر المعتزلة وغيرهم، وهم: أبو محمد بن كلاب، وأبو العباس القلانسي، وأبو الحسن الأشعرية ... " إلى قوله: "وكلهم أئمة ضلال يدعون الناس إلى مخالفة السنة وترك الحديث" (٦) اهـ.

أبو محمد بن علي ابن أحمد بن سعيد بن حزم الأندلسي القرطبي الظاهري "٤٥٦هـ":ذكر ابن حزم قول الأشعري في أحد قوليه، والذي تابعه عليه الباقلاني وجمهور أصحابه – "أن علم الله هو غير الله وخلاف الله، وأنه مع ذلك غير مخلوق لم يزل"-، ثم قال: "إنها دعوى ساقطة، بلا دليل أصلاً، وما قال بهذا أحد قط من أهل الإسلام قبل هذه الفرقة المحدثة بعد الثلاث مائة عام – أي: الأشاعرة -، فهو خروج عن الإسلام وترك للإجماع المتيقن" (٧) اهـ.


(١) نقله عنه شيخ الإسلام ابن تيمية في ((درء التعارض)) (٢/ ٩٥ - ٩٨).
(٢) رواه أبو إسماعيل الهروي الأنصاري في ((ذم الكلام وأهله)) (٤/ ٤٠٨).
(٣) رواه أبو إسماعيل الهروي الأنصاري في ((ذم الكلام وأهله)) (٤/ ٤١٨)
(٤) ((رسالة السجزي إلى أهل زبيد)) (ص: ١٧٣).
(٥) ((رسالة السجزي إلى أهل زبيد)) (ص: ١٩٥).
(٦) ((رسالة السجزي إلى أهل زبيد)) (ص: ٢٢٢).
(٧) ((الفصل في الملل والأهواء والنحل)) (٢/ ١٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>