للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن شاقلا: "فقال لي جواباً عن حديث أنس: "إن القلوب بين أصبعين من أصابع الله يقلبها": إنما هما نعمتان.

فقلت له: هذا الخبر يقول: "إن الأصبعين نعمتان؟ " – أي: هل قال الخبر: إن الأصبعين نعمتان؟ استنكاراً لتأويله – واليدين صفة للذات -. ولم يتقدمك بهذا أحد إلا عبدالله بن كلاب القطان الذي انتحلت مذهبه، ولا عبرة في التسليم للأصابع والتأويل لها على ما ذكرت: إن القلوب بين نعمتين من نعم الله عز وجل ... ".

إلى أن قال: "ثم قلت له: أنت مذهبك أن كلام الله عز وجل ليس بأمر ولا نهي، ولا متشابه ولا ناسخ ولا منسوخ، ولا كلامه مسموع، لأن عندك الله عز وجل لا يتكلم بصوت، وأن موسى لم يسمع كلام الله عز وجل بسمعه، وإنما خلق الله عز وجل في موسى فهماً فهم به. فلما رأى ما عليه في هذا من الشناعة قال: فلعلي أخالف ابن الكلاب القطان في هذه المسألة من سائر مذهبه" (١) اهـ.

أبو عبيدالله عبيدالله بن محمد العكبري الحنبلي ابن بطة "٣٨٤هـ":قال في ختام كتابه (الإبانة الصغرى) بعد أن ذكر أسماء رؤوس أهل البدع من الجهمية والمعتزلة والقدرية وغيرهم: "ومن خبثائهم، ومن يظهر في كلامه الذب عن السنة، والنصرة لها، وقوله أخبث القول: ابن كلاب، وحسين النجار، وأبو بكر الأصم، وابن علية" (٢) اهـ.

الإمام الحافظ أبو عبدالله محمد بن إسحاق بن منده "٣٩٥هـ":قال أحمد بن محمد بن الطاهر المعافري أبو العباس: سمعت أبا عبدالله محمد بن منده الحافظ بأصبهان رحمه الله يقول: "ليتق الله امرؤ وليعتبر عن تقدم ممن كان القول باللفظ مذهبه ومقالته، كيف خرج من الدنيا مهجوراً مذموماً مطروداً من المجالس والبلدان لاعتقاده القبيح؟! وقوله الشنيع المخالف لدين الله مثل: الكرابيسي، والشواط، وابن كلاب، وابن الأشعري، وأمثالهم ممن كان الجدال والكلام طريقه في دين الله عز وجل" (٣) اهـ.

العلامة أبو حامد بن أبي طاهر الإسفرائيني شيخ الشافعية ببغداد (٤٠٦هـ):

قال الشيخ أبو الحسن محمد بن عبدالملك الكرجي الشافعي في كتابه الذي سماه (الفصول في الأصول عن الأئمة الفحول):

"وكان الشيخ أبو حامد الإسفرائيني شديد الإنكار على الباقلاني وأصحاب الكلام ... ".

وقال: "ولم يزل الأئمة الشافعية يأنفون ويستنكفون أن ينسبوا إلى الأشعري، ويتبرؤن مما بنى الأشعري مذهبه عليه، وينهون أصحابهم وأحبابهم عن الحوم حواليه على ما سمعت عدة من المشايخ والأئمة – منهم الحافظ: المؤتمن بن أحمد بن علي الساجي – يقولون: سمعنا جماعة من المشايخ الثقات قالوا: كان الشيخ أبو حامد أحمد بن أبي طاهر الإسفرائيني إمام الأئمة الذي طبق الأرض علماً وأصحاباً إذا سعى إلى الجمعة من قطعية الكرج إلى جامع المنصور يدخل الرباط المعروف بالزوزي المحاذي للجامع، ويقبل على من حضر ويقول: اشهدوا عليّ بأن القرآن كلام الله غير مخلوق، كما قاله الإمام ابن حنبل، لا كما يقوله الباقلاني.


(١) ((طبقات الحنابلة)) (٢/ ١٣٣ - ١٣٥).
(٢) ((الشرح والإبانة على أصول السنة)) والديانة لابن بطة المعروف بـ ((الإبانة الصغرى)) (ص: ٩٥).
(٣) رواه أبو إسماعيل الهروي في ((ذم الكلام)) (٤/ ٤٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>