للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أ- فمن الأمثلة على الجانب الأول:١ - في مسألة العلو والاستواء التي أنكرها متأخرو الأشعرية، رد شيخ الإسلام على زعمهم الرازي بأن نقل نصوصا من كلام شيوخه من الأشاعرة يثبتون فيها العلو لله تعالى (١)، وفي موضع آخر من نفس الكتاب رد على الرازي في هذا الموضوع وفي موضوع الصفات الخبرية التي أولها الرازي وأصحابه، فنقل شيخ الإسلام كلام الأشعري في (الإبانة) و (المقالات)، وكلام الباقلاني (٢)، ثم قال: "فإذا كان قول ابن كلاب والأشعري وأئمة أصحابه، وهو الذي ذكروا أنه اتفق عليه سلف الأمة وأهل السنة أن الله فوق العرش وأن له وجها ويدين، وتقرير ما ورد في النصوص الدالة على أنه فوق العرش، وأن تأويل استوى بمعنى استولى هو تأويل المبطلين، ونحو ذلك، علم أن هذا الرازي ونحوه هم مخالفون لأئمتهم في ذلك، وأن الذي نصره ليس هو قول ابن كلاب والأشعري وأئمة أصحابه، وإنما هو صريح قول الجهمية والمعتزلة ونحوهم، وإن كان قد قاله بعض متأخري الأشعرية كأبي المعالي ونحوه" (٣) , ثم أتبع ذلك بنقل مذهب جمهرة كبيرة من أئمة السلف (٤) تؤيد ما ذهب إليه الأشعري وأئمة أصحابه في هذا الباب.٢ - وفي معرض رده على دليل حدوث الأجسام الذي أوجبه كثير من متأخري الأشعرية كالجويني يقول شيخ الإسلام عنه: "وبالجملة فإنه وإن كان أبو المعالي ونحوه يوجبون هذه الطريقة، فكثير من أئمة الأشعرية – أو أكثرهم – يخالفونه في ذلك ولا يوجبونها، بل إما أن يحرموها، أو يكرهوها، أو يبيحوها وغيرها، ويصرحون بأن معرفة الله تعالى لا تتوقف على هذه الطريقة ولا يجب سلوكها، ثم هم قسمان: قسم يسوقها، يسوق غيرها، ويعدها طريقا من الطرق، فعلى هذا إذا فسدت لم يضرهم، والقسم الثاني: يذمونها، ويعيبونها، ويعيبون سلكوها وينهون عنها، إما نهي تنزيه وإما نهي تحريم" (٥)، ثم نقل عن الخطابي في شعار الدين والغنية ما يدعم قوله (٦)، وأشار إلى رسائل الأشعري إلى أهل الثغر (٧)، وأنها توافق ما قاله الخطابي، وقد نقل كلام الأشعرية فيها كلام في كتاب آخر (٨).٣ - وعند ذكر الصفات الخبرية وغيرها مما يتأوله الجويني وأصحابه، قال شيخ الإسلام رادا عليه: "فدعواه أن دلالة القرآن والأخبار على ذلك ليست قطعية يخالفه في هذه الدعوى أئمة السلف وأهل الحديث والفقه والتصوف، وطوائف من أهل الكلام من أصحابه وغيرهم، فإن عندهم دلالة النصوص على ذلك قطعية، وأما الأخبار فأكثر أصحابه أنها إذا تلقيت بالقبول أفادت العلم، كما تقدم ذكرهم لذلك عن الأستاذ أبي إسحاق، وهذا الذي ذكره أبو بكر ابن فورك هو معنى ما ذكره الأشعري في كتبه عن أهل السنة والحديث، وذكر أنه قوله، وإن الإيمان بموجب هذه الأخبار واجب" (٩)،


(١) انظر: ((نقض التأسيس)) المخطوط (١/ ٣٢ - ٣٣) – نص كلام الرازي، و (ص: ٣٣ - ٦٣) الرد عليه من كلام شيوخه.
(٢) انظر: ((نقض التأسيس)) المطبوع (٢/ ١٥ - ٣٥).
(٣) انظر: ((نقض التأسيس)) المطبوع (٢/ ٣٥).
(٤) انظر: ((نقض التأسيس)) المطبوع (٢/ ٣٥ - ٤٤).
(٥) انظر: ((نقض التأسيس)) المطبوع (٢/ ٢٤٩).
(٦) انظر: ((نقض التأسيس)) المطبوع (٢/ ٢٤٩ - ٢٥٥).
(٧) انظر: ((نقض التأسيس)) المطبوع (٢/ ٢٥٥).
(٨) انظر: ((درء التعارض)) (٧/ ١٨٦ - ٢١٩)، وانظر: ((النبوات)) (ص: ٦٢).
(٩) ((نقض التأسيس)) المطبوع (٢/ ٨٦ - ٨٧) ..

<<  <  ج: ص:  >  >>