للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إثبات صفة الإتيان لله تعالى: قال في تفسير قوله تعالى: هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن تَأْتِيهُمُ الْمَلآئِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا قُلِ انتَظِرُواْ إِنَّا مُنتَظِرُونَ [الأنعام: ١٥٨]: "يقول جل ثناؤه: هل ينتظر هؤلاء العادلون بربهم الأوثان والأصنام إلا أن تأتيهم الملائكة بالموت فتقبض أرواحهم، أو أن يأتيهم ربك يا محمد بين خلقه في موقف القيامة، أو يأتي بعض آيات ربك، يقول: أو أن يأتيهم بعض آيات ربك، وذلك فيما قال أهل التأويل طلوع الشمس من مغربها ... "، ثم ذكر آثار السلف على ذلك" (١) اهـ.

إثبات الصفات على الحقيقة بلا تشبيه:

وقال في (التبصير في معالم الدين): "ولله تعالى ذكره أسماء وصفات جاء بها كتابه، وأخبر بها نبيه صلى الله عليه وسلم أمته، لا يسع أحداً من خلق الله – قامت عليه الحجة بأن القرآن نزل به، وصح عنده قول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما روي عنه به الخبر منه – خلافه، فإن خالف ذلك بعد ثبوت الحجة عليه به من جهة الخبر على ما بينت فيما لا سبيل إلى إدراك حقيقة علمه إلا حساً، فمعذور بالجهل به الجاهل؛ لأن علم ذلك لا يدرك بالعقل، ولا بالرؤية والفكر.

وذلك نحو: إخبار الله تعالى ذكره إيانا أنه سميع بصير.

وأن له يدين لقوله تعالى: بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ [المائدة: ٦٤].

وأن له يميناً لقوله: وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ [الزمر: ٦٧].

وأن له وجهاً لقوله: كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ [القصص: ٨٨].

وقوله: وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ [الرحمن: ٢٧].وأن له قدماً لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((حتى يضع الرب قدمه فيها)) (٢) ,يعني جهنم. وأنه يضحك إلى عبده المؤمن لقول النبي صلى الله عليه وسلم للذي قتل في سبيل الله: إنه لقي الله عز وجل وهو يضحك إليه. (٣).

وأنه يهبك كل ليلة وينزل إلى السماء الدنيا؛ لخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأنه ليس بأعور؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم، إذ ذكر الدجال فقال: ((إنه أعور، وإن ربكم ليس بأعور)) (٤).

وأن المؤمنين يرون ربهم يوم القيامة بأبصارهم، كما يرون الشمس ليس دونها غيابة، وكما يرون القمر ليلة البدر، لقول النبي صلى الله عليه وسلم. وأن له أصابع، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما من قلب إلا وهو بين إصبعين من أصابع الرحمن ... )) (٥).

إلى أن قال: "فإن كان الخبر الوارد بذلك خبراً تقوم به الحجة مقام المشاهدة والسماع، وجبت الدينونة على سماعه بحقيقته في الشهادة عليه بأن ذلك جاء به الخبر، نحو شهادته على حقيقة ما عاين وسمع ... ".


(١) ((تفسير الطبري)) (٨/ ٩٦).
(٢) رواه البخاري (٧٣٨٤) , ومسلم (٢٨٤٨) , من حديث أنس رضي الله عنه.
(٣) رواه البخاري (٢٨٢٦) , ومسلم (١٨٩٠) , من حديث أبي هريرة رضي الله عنه بلفظ: (يضحك الله إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر يدخلان الجنة ... ).
(٤) رواه البخاري (٧١٣١) , ومسلم (٢٩٣٣) , من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه.
(٥) رواه مسلم (٢٦٥٤) , من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص, بلفظ: (إن قلوب بني آدم كلها بين إصبعين من أصابع الرحمن ... ).

<<  <  ج: ص:  >  >>